متفرقات

أخرجوهم من قريتنا .. إنهم يتفكرون !!

“5% من الناس يفكرون ، و 10% من الناس يعتقدون انهم يفكرون ، والاخرون 85% يفضلون ان يموتوا بدلا من ان يفكروا ” توماس اديسون ،

منذ ان بدأ الانسان بطرح سؤاله الاول عبر التاريخ ، ظهرت لنا ككائنات تمشي على قدمين ، مهارة التفكير ، اذ لابد ان الانسان الاول اعمل العقل في معلوماته الحاضرة وشكل اول معادلة ذهنية لديه و أتى بالنتائج والإبتكارات والفلسفات .. إلى باقي العلوم والحضارة .

( الفكرة ) والتي اشار اليها علماء الاجتماع بالوعي والإدراك او الخيال ، هي النواة الاولى لأي تقدم يمكن ان يقوم به البشر عبر العصور ، بل ان منهم من اوصل الفكرة إلى مصاف انها تميز الجنس البشري عن باقي الحيوانات ، فولاها لكنا نوعا من الثدييات البهائمية.
ولا يمكننا ان نهمل ذكر الفلاسفة حين تكلم عن التفكير ، فهم يعدون – على حسب تاريخنا المكتوب – من اوائل من حلل وقدر وفكر ، فما الفيلسوف سوى إنسان – مثلي ومثلك – إلا انه فشل في فهم الأشياء على نمطها المعتاد ، فلدى الفيلسوف ( وخاصة القدماء منهم ) كل شيئ حوله مثير للإهتمام ، كل شيء مبهم ، كل شيء جديد ، كل ما حوله ( يستحق ) التفكير ، وهنا النقطة الاساسية التي نود الحديث عنها – ما يستحق التفكير – .

ان معظم الافكار الجاهزة المقولبة – الاحفورية – عن المجتمع والناس والطبيعة والعالم التي ورثناها شئنا ام ابينا عن آبائنا ومجتمعاتنا لم تعد الان صالحة للاستهلاك البشري ، فالافكار تتغير بتغير الواقع ، وتطور فتصبح بلا نمط محدد ، لم تعد فكرتك عن العالم مطابقة لأخيك او ابنك او صديقك ، كل منهم اصبح له حرية في رأيه ، نظرته المستقلة عنك وعن رأيك ، هذه الحرية لم تكن موجودة في وقت من الاوقات الماضية اذ كان ينعت صاحبها بالجنون وبانه ” بدع من الخلق ” .

علينا نحن شعوب الشرق الاوسط ان نعترف ان مجتمعاتنا منقسمة بطريقة ملفتة حول طريقة التفكير في العصر الحالي ،وهذا الانقسام يظهر في ان نسبة ضئيلة من العرب يفكر ، “واقصد المفكرين المعاصرين” ، فكم عددهم ؟ وكم عدد الذين يحللون الامور ويبسطونها ويخرجون بافكار اصيلة لا مقلدة ولا مترجمة ؟ – ربما تكاد تعدهم على اصابع اليدين – ، اما الشريحة الكبيرة فهم لا يفكرون ولا يحبون ان يفكرو ولا يحبون من يستخدم عقله لاي غرض ديني كان او دنيوي فعندهم الافكار جاهزة تلقى اليهم بكرة و اصيلا من اناس محددين وربما من كتب معينة كتبت من مئات السنين ، ففرد منهم لديه قناعاته الجاهزة عن العالم والدين والسياسة والتاريخ أمليت اليه ( بالصحيح منها وغير الصحيح ) و هذا الفرد مستعد للتضحية بحياته ربما في سبيل هذه القناعات الجاهزة ، ولو حاولت نصحهم لتفكير مستقل ضيقوا عليك وقالوا اخرجوه من قريتنا انه من المتفكرين .. ، اما النسبة المتوسطة بين الناس والتي اليها اتوجه باول مقال لي في هذا الموقع .. ، هم اصحاب العقول المتحررة إلى حد ما ، وما صاحبكم بمنزه عن هذا المثال ، فهم من يستطيع ان يتفهم افكار الاخرين وخاصة الكتّاب والادباء والمحاضرين ، ولكنه يستنسخ ما يسمع ويشاهد من افكار وتحليلات حتى تصبح لديه قناعات بغبغائية يكتفي بترديدها في كل مناسبة ، فمثلا يقرآ مقالا يصف جهاز ما بانه سيئ و لا يستجيب بشكل جيد وان تصميمه معيب ، فيقوم بنسخ هذا الرأي إلى رأيه الشخصي ويبدأ بالنقاش بين الناس بهذا الرأي بل والدفاع عنه محتجاً بانها قناعاته الشخصية، والحقيقة انها قناعات غيره يقلده ، هذه النسبة المتوسطة من العرب ، قادرين بشكل اكبر مما تتخيل هذه النسبة نفسها على التحليل والتركيب و ابراز الافكار الاصيلة ، لا نحتاج سوى ان ندع العنتريات الفكرية ، ندع التقليد الاعمى ..
اقرأ كثيرا وانتقد وحلل واقرأ عن الضد وناقش افكارك بداخلك وحلل الأمور بكل الحرية التي تخاف منها . وعندها دافع عن افكارك التي خرجت بها وسيكون دفاعك رائعا ولا تنسى ان تبقي تفكيرك منفتحا لكل جديد وغريب حولك ، يقول تعالى : ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الارض جميعا منه ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )   . سورة الجاثية

About Author

الوسوم
اظهر المزيد

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.