عرب ويرز | ArbWarez

مراجعة مسلسل Legion الموسم الثالث الحلقة الثامنة والأخيرة

“ما يسعنا معرفته هو أنفسنا”

 

 

 

 

 

انعكاسًا لعقل ديفيد المشتت نذهب للأمام من مكان إلى آخر من واقع لواقع لخط زمني آخر، كلما تقدمنا تغيرت هيكلة الحلقة، وانغمسنا أكثر في الأمل الزائف وفي تحقيقه لتصبح الحلقات مجرد نغمات تتطور مع معرفة عقل ديفيد لتسد بها الصدمات المفاجئة. كلما مضينا يصبح عقل ديفيد متاهة يشملنا معه لنفكر بما نحن بصدد القدوم عليه، زادت التحولات المفاجئة وتم تقديم آكلي الوقت ليلعبوا مع ديفيد وأصبحت المشاهد سريالية وأصبح الوقت مختلف وكل شيء يسقط بعيدًا في متاهة بالمكان الذي بين الوقت والفراغ يبيّن خلالها آكلي الوقت أنهم قد ينهون العالم، وفي النهاية نتفاجأ بأنهم كمثل الكلاب صافرة تجعلهم يرضخون.

 

FX@

 

كيف تنهي عرض غريب كهذا بطريقة ترضي بها المتابعين بعد عرض ثلاث مواسم؟

أمر صعب جدًا ولكن برأيي فعلها الفيلق بطريقة رائعة جدًا وبسيطة وبلا أي تعقيد أو تسرع فتم لف كل شيء بالفيلق بحبكة تتصل بها البداية بالنهاية. قد تكون نهاية مخيبة لمن كان ينتظر لمعركة كبيرة تخرج لنا بشكل مثير ولكن هذا لن يفيد النهاية كنص أبدًا فكل ما ستفيد به هذه المعركة هو المشهد نفسه فقط. تم تقديم النهاية بشكل أنيق وغريب أنهى بها الفيلق كل خطوط القصص ولم يترك نهاية مفتوحة بل تم إغلاق الموسم بنهاية محبكة، وأنهى هذه السلسلة على شيء كالسلام والقبول بعد أن بدأنا بالجنون وعدم اليقين. جعل الفيلق بداية الموسم مليئة بالتقلبات والمرح والإثارة ولكن غير من وتيرته في أواخر الحلقات ليكوّن نص درامي يبتعد به عن تقلبات السرد ويجعل من النهاية نهاية لها بعد درامي ومغزى أسمى يمكن أن يجعله يتجلى في النهاية وهذا ما أراده هالوي، فالأكيد أن آخر الحلقات لم تكن من أفضل الحلقات لدى الكثير ولا بأس بهذا فتغير الوتيرة لرتم به ثقل درامي ليتم معالجة النص دراميًا أكثر من جعل النص به تقلبات والكثير من الإثارة فقد يكون مردود هذه المشاهد سيئًا في نهاية المسلسل ولا يمكن المحافظة على توازن الأحداث وإيقاعها بالاستمرار نحو الحلقات الأخيرة.

 

FX@

 

أهداف الفيلق دائمًا ما كانت بسيطة وفي نفس الوقت معقدة، فهالوي جعل القصة مرحة، فشخصيتنا كانت قوية جدًا وقد أقول عنها شريرة برغم عدم معرفته لهذا الشيء، فهو أراد حقًا أن يكون جيد ويستحق الحب وهنا بدأت الرحلة (صعب جدًا أن تكره شخص تفهمه). راقبنا في الموسم شخصياتنا وهي تعزل نفسها عمن تحب، وتحجب عاطفتها وتستمر بمعاناتها بالألم. انغمس الموسم أكثر في  ما نحبه وتعامل مع الشخصيات بحساسية وتأمل بها وكوّن منهم قلب نابض (جعلهم كأشخاص) جعل المتابع يهتم بالشخصيات أكثر ولمصيرها وأضاف نبرة حزينة عاطفية جعلت من الترنح في القصة يستحق الكفاح سواءً من ديفيد أم القسم الثالث. واجهة نهاية الموسم التاريخ واختارت تجنب الحرب وحماية الأخرين ولكن ستبدأ منها حياة غير منظمة وغير متماسكة مثل الوقت. الحياة هي عبارة عن اللحظات التي نعيشها عن العيش في غمرة السعادة وهذه اللحظات التي قد لا نريد أن ننساها لا نريد أن تذهب بعيدًا عنا. رؤية هالوي لحياة ديفيد كانت بشكل مشتت، وملتوي يعود دائمًا ليجعلنا نرى اللحظات المهمة بطرق مختلفة لنقوم بتجميع هذه القصص والأجزاء لنسميها قصة. فكك هالوي في الفيلق طبيعة البشرية وكيفية تأثير التنشئة وماهي قدراتنا وحدودنا وكيف أن الخوف لاعب أساسي في اختياراتنا. مزج هالوي الإثارة بالسرد المتناغم والدراما الممتازة والفلسفة الإنشائية وحافظ على الايقاع والتوازن وصاعد أحداثه وكان فريد ببناء الأحداث وتنفيذ المشاهد وقدمها بشكل تقني رائع جدًا وصور بصرية مذهلة تحكم نظر المتابع للتفاصيل كعادة الفيلق وأنفرد بتقديم مشاهد بها صور بديعة وإخراج أسلوبه مختلف وبه جاذبية يقوم بتوظيفها ليقدم لنا توليفه غير اعتيادية يصنع من خلالها ابداعه الذي لا ينتهي. حلقة أخيرة بنظري مثالية لنهاية هذا العرض فلم يكن هناك أي مخاطر تصنع للسرد مشكلة بالمعالجة وتناغم السرد مع نهاية القصة ومع الموسم كاملًا. نهاية ناقشت ببساطة تصعيد الإحساس وتبسيط الأخلاق ففي هذا العالم الغامض والفوضوي الذي صنعه هالوي لا وجود لإجابة واضحة فكيف نفسر الحديث عن عيش حياة جيدة لشخصية قد تكون مجنونة. كل حياة بها عثراتها وكل ما علينا هو أن نعرف أنفسنا. ينجح ديفيد بتغيير ماضيه وهذا يصنع نهاية سعيدة للكل فالكل سيعودون من جديد سيكبرون من جديد فنهايتهم المأساوية التي كانت تتمثل بنهاية العالم تلاشت. في النهاية ناقش الموسم التعاطف والحصول على فرصة للقيام به، وحل الإساءة وعدم تأصيل الأمن بالنفوس وتم التوصل لحل لهذه الأمور بشكل تعليمي سلس جدًا وممتع.

 

اِقرأ أيضًا: Rescue Me كوميديا سوداء وسط نيران مشتعلة

 

FX@

 

محادثة قصيرة تنتهي بها قصة ديفيد وسيد وبرغم قصرها إلا أنها كانت مناسبة هدوء وصمت يحيط بهما (اللحظة تتكلم عن نفسها) مع وجود السبب الوحيد الذي جعل سيد تساعد ديفيد. لأنها لم تساعد ديفيد بسبب الشخص الذي كان عليه ولكن ساعدته بسبب الشخص الذي سيكونه. “كن فتًى جيد” كل ما تريده سيد هو أن يكون ديفيد لديه قدرة على تغيير مستقبله بما أنه الآن مع والده ووالدته. الصورة الأخيرة في المسلسل كانت مناسبة جدًا فبعد تلاشي سيد وديفيد نرى صورة للطفل وهي نفس الصورة التي بدأ بها هالوي أول حلقة بالمسلسل فكأنه يقول لنا هذه دورة جديدة لحياة ديفيد.

 

FX@

 

تخلى نوح هالوي عن المعركة الكبيرة التي كنا في انتظارها وقام بتبديلها بمشهد موسيقى عميق يعبر عن كل ما بذات الشخصية. أغنية الأم كانت مثالية لحالة ديفيد فهو من يتلهف خلف العيش مع أمه فكانت الأغنية مناسبة روحيًا وعاطفيًا له فقد أتت بوقت مناسب جدًا فغياب الأم عن ديفيد كان مشكلة كبيرة وضحت بشكل كبير في هذا الموسم بمشهد “مومي” فغياب الأم كان سبب كبير لبناء شخصيته المتهورة المجنونة ولهذا أتت الأغنية لتتبع سياق بشكل متناغم مع المعاناة التي يعيشها. ديفيد في الأغنية (أعتقد أن الأغنية تتحدث عن شاب يسأل أمه عن الطمأنينة) كان يسأل أمه بأسئلة كثيرة وأمه ترد عليه وتغني معه، هذا ما جعل ديفيد يمتلئ بالحب والشعور بالأمان الذي لم يناله في صغره.

قبول ديفيد عرض فاروق كان غريب في البداية بسبب كرهه لفاروق وكونه شخص غير موثوق به ولهذا الهدنة كانت أمر غير طبيعي بالنسبة لشخص عاد بالوقت لفعل شيء واحد وهو قتل فاروق. لكن تشارلز جعل ديفيد يلين فالحب الأبوي قد يكسر حاجز الوقت فهو من وصل لديفيد وجعله يغير رأيه، أيضًا ديفيد تلقى اعتذار من والده على حياته السابقة التي لم يكن موجود فيها.

أقنع فاروق الحكيم نفسه القديمة بمشهد أشبه بمشهد كيكة المعرفة ولكن فاروق يستخدم النظارة وجعل من نفسه القديمة أن يلين قلبه القاسي وحرك مشاعر ذلك الشخص المشهور بشره.

 

FX@

 

موسم تحدث عن التأثير الدائم الذي قد يحدثه غياب الوالدين، رأينا هذا الدرس بديفيد ورأيناه يتشكل بشكل مبهر بسويتش فقد تم استخدامها بحبكة رائعة جدًا بنفس الطريقة التي استخدمها ديفيد فوالدها استخدمها كوسيلة للوصول لغاية فبعد سقوط أسنانها توقف التمرد على دروس الزمن وتنفذ ما يقال لها من والدها وهنا نعرف الحقيقة هي مجرد مخلوق رباعي الأبعاد وبإمكانها تغيير الزمن. صعدت لمستوى أعلى من الوجود بقذفها لأسنانها كاملة وترك جسدها يغط في النوم وهذا جعلني أعود لأول سؤال سألها والدها في أول حلقة وهو كيف نومك؟ فأجابت بـ”so so” فهو يريد أن يعرف حالتها ككائن رباعي الأبعاد. كان تدخل سويتش بالحلقة رائع من حيث السرد فهي من قامت بحماية الشخصيات وطمأنت سيد على تغير الماضي. يبدو لي أن من ظهر في الحلقة الثالثة في التلفاز لدى غابرييل هو والد سويتش وهذا ماكنت أعتقده. ارتبطت سويتش مع ديفيد بسبب أن حلمه أن يكون مع والديه وهي تريد نفس الشيء ولكن لا تعي ذلك، وقد يكون بأنها احتاجت إلى شيء من شأنه أن يدفعها إلى حدودها لتصعد لمستوى أعلى. كانت بحاجة لسبب وهدف لدفع الخوف، وديفيد كان لديه الرغبة لدفعها وتحقيق ذلك فهو كان مهملًا لكل من حوله، هو من سيدفعها إلى المكان الذي هي خائفة من الذهاب له.

 

 

 

هامش:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اِقرأ أيضًا: The Boys الأبطال الحقيقيون.

 

كان الفيلق شيء مختلف. مختلف عن كل شيء شاهدته بطريقة العرض، بالسرد، باستخدام الألوان، باستخدام الموسيقى، بالإخراج المبدع، بروايته للقصة، حتى بإدارة الممثلين كان مميزًا. وداعًا لهذا العرض الرائع سنفتقده كثيرًا. بدأت بمشوار  التغطية مُرحِّبًا بكم، وها أنا بعد ثمان أسابيع أودعكم مع نهاية هذا العرض المميز الذي سيخلد في أرصفة المسلسلات المميزة (قد يقبع وحيدًا هناك). شكرًا لمن قرأ مراجعة واحدة فأنا أكتب لأجلكم فأنتم من تصنعون لي قيمة بالنقد والرد.

Exit mobile version