عرب ويرز | ArbWarez

حين اختفت أشهر كاتبة غموض في العالم لمدة أحد عشر يومًا

كتابة : Tina Jordan

ترجمة : مجيد الألمعي

تحرير : وفاء الحربي

 

كان الأمر مشابهاً تماماً لقصة إحدى رواياتها البوليسية.

في ليلة الرابع من ديسمبر، أغاثا كريستي لا تحمل سوى حقيبتها الجلدية، منحت ابنتها قبلة النوم وخرجت مسرعة من منزلها في إنجلترا، الذي شاركته مع زوجها “كان يخونها مع امرأة صغيرة بالسن، لم يكن العامة يعلمون بهذا ولكن أغاثا علمت بالتأكيد”

لا أحد يعلم أين غابت أغاثا لمدة أحد عشر يوماً!

السادس من ديسمبر 1926

أغاثا كريستي البالغة العمر 36 عاماً آنذاك؛ كانت قد نشرت عدة روايات بوليسية، من ضمنها “العدو الغامض” و”جريمة في ملعب الغولف”، اختفائها كان حدثاً ضخماً في أغلب صحف العالم، وقد تصدّر الصفحة الأولى لمجلة The Times.

“سيارة الروائية وجدت مهجورة بالقرب من غلدفورد عند حفرة لاستخراج الطبشور، العجلات الأمامية كانت معلقة على حافة الحفرة. السيارة كانت ستسقط في الحفرة لولا أن الأشجار الكثيفة حالت دون ذلك”

 

 

الثامن من ديسمبر 1926

بعد ثلاثة أيام من ذلك؛ أوقفت الشرطة البحث. قالوا أنهم وجدوا رسالة لدى شقيق زوجها تقول فيها أنها ستذهب إلى منتجع في يوركشاير “للراحة والاستجمام”.

انتهت القضية؟ ليس تماماً !

 

العاشر من ديسمبر 1926

قررت الشرطة وبشكل غريب أنها ليست مقتنعة بالرسالة. لذلك وُسّع البحث، حتى أنهم جلبوا أحد كلاب أغاثا الأليفة إلى موقع السيارة لينظروا إذا ما كان باستطاعته تعقب رائحة مالكته. (الكلب لم يفعل شيئاً سوى النواح بشكل محزن)

المحققون الآن يعاملون القضية كما لو أنها قضية انتحار.

أصبح البحث عن أغاثا كريستي أشبه بالأسطورة المحلية “حوض السباحة الصامت”، والذي هو حسب الأسطورة: بلا قاع!

كان هنالك تفصيل محير عند الاقتراب من نهاية القصة.

ادعت الصحف أنها كانت خائفة من منزلها، وأنها أخبرت أحد أصدقائها “أنا أقف وحيدة في زقاق، غير مضاء وفي وسط الليل، هذا الزقاق لديه سمعة بأنه مسكون، وأنه حصلت فيه جريمة قتل لامرأة، وانتحار رجل…. إذا لم أرحل من سونينغدل قريباً.. سونينغدل ستكون نهايتي.”

 

 

الحادي عشر من ديسمبر 1926

بعد مضي أسبوع كامل على اختفاء أغاثا كريستي كانت الشرطة في وضع محير؛ “لا يوجد شاهد موثوق على تلك الليلة التي غادرت منزلها في بلدة سونينغدل قبل أسبوع” كان هذا عنوان مجلةThe Times.

لكن كان هنالك تطور مهم، أغاثا كريستي تركت خلفها ثلاث رسائل: واحدة لموظفة الاستقبال، وأخرى لشقيق زوجها، والأخيرة لزوجها. والذي رفض مشاركة محتوى الرسالة للشرطة.

 

الثاني عشر من ديسمبر 1926

طلب المحققون المساعدة من السائقين ومن رجال الشرطة السريين الهواة.

“بدون ابداء أسباب؛ الشرطة لا تزال تؤمن بأنها موجودة في مكان ما قريب من البقعة التي وجدوا فيها سيارتها”

في نفس المقالة، موظفة الاستقبال الخاصة بها أنكرت، غاضبة، كل ما ذكر عنها، قائلة: “هذا سخيف، السيدة كريستي كانت سيدة محترمة ومهذبة جداً”. وأيضاً سلمت الرسالة التي تركتها أغاثا وهي عبارة عن تفاصيل لجدولة بعض المواعيد.

بينما كانت الشرطة تبحث عن أدلة، وجدت مسودة لعمل لا يزال تحت التطوير يسمى “القطار الأزرق”.

 

الرابع عشر من ديسمبر 1926

قيل في المقالة أن الشرطة وجدت بعض الأدلة المهمة بالقرب من الموقع، من ضمنها علبة مكتوب عليها “سم” ووجدوا أيضاً مخدر الأفيون. ووجدوا في نفس الموقع أجزاء من طابع بريدي، معطف نسائي من الفرو، علبة للماكياج، قطعة من الخبز وكتابين للأطفال.

النظرية الجديدة للشرطة كانت تنذر بشؤم: “الشرطة لديها معلومات رفضت البوح بها، وهي تقود إلى الاستنتاج بأن السيدة أغاثا كريستي لم يكن لديها أي نية للعودة إلى منزلها عندما غادرت”

 

الخامس عشر من ديسمبر 1926

عُثر على الروائية في منتجع يوركشاير، بعد تسعة أيام من اختفائها. بلّغ زوجها الصحفيين:

هي لا تعلم من تكون… لقد عانت من فقدان تام للذاكرة“.

 

 

السادس عشر من ديسمبر 1926

كتبت مجلة التايمز أن أغاثا كريستي دخلت إلى منتجع هاروقيت باسم “الآنسة تريسا نيل”، ولما سُئل زوجها عن هذا الاسم أصر بأنه لا يعرف أحداً بهذا الاسم، ولا زوجته تعرف.

بعدها بسنوات تبين أن الاسم الذي استخدمته أغاثا كان اسم عشيقة زوجها السرية.

عندما أتى زوج أغاثا إلى المنتجع لكي يعيدها إلى المنزل استقبلته استقبالاً بارد خالياً من المشاعر. لاحقاً في ذلك اليوم؛ المئات من الناس حضروا إلى محطة القطار في لندن آملين أن يلمحوا أغاثا ولو لثوانٍ معدودة.

 

 

السابع عشر من مارس 1928

الفصل الثاني من القصة كان بعد مرور خمسة عشر شهراً حيث طلبت أغاثا كريستي الطلاق من زوجها.

 

 

السادس عشر من ديسمبر 1930

بعد مرور سنتين على طلاقهما تزوجت أغاثا مرة أخرى. (وكذلك تزوج زوجها، زوجته الجديدة كانت عشيقته الآنسة نيل)

بعد مرور 90 سنة على هذه الحادثة؛ بعض الكتاب والمهتمين بالتاريخ، لا زالوا يتجادلون حول ما حدث خلال الأيام التي اختفت فيها أغاثا. هل كان انتقاماً؟ اكتئاب؟ أو فقدان للذاكرة؟

حاول بعض الكتاب في ذلك الوقت تسليط بعض الضوء على هذه الحالة مثل لورا طومسون، وكان رد أحد اصدقاء أغاثا: “لقد كان الأمر غامضاً، أغاثا رفضت التحدث بالأمر لأي شخص، لقد حاولنا كلنا“.

 

أغاثا صرحت بنفسها وتكلمت عن الأمر لمرة واحدة فقط.

في عام 1928 في مقابلة على جريدة ذا ديلي ميل، حيث صرّحت بأنها كانت تقود بمحاذاة حفرة الطبشور: “في الثالث من ديسمبر 1926، جاءتني فكرة بأن أقود السيارة إلى الحفرة، لكن ابنتي كانت معي في ذلك الوقت، فاستبعدت الفكرة على الفور. في تلك الليلة شعرت بأنني تعيسة للغاية. لم أعد أشعر بأنني أستطيع الاستمرار أكثر من ذلك.

وفي الليلة الأخرى (الرابع من ديسمبر) غادرت المنزل في وأنا في حالة عالية من الإجهاد الذهني بنية فعل شيء بائس. حين وصلت إلى نقطة من الطريق عرفت أنها قريبة من الحفرة. أخرجت السيارة عن الطريق ثم وجهتها ناحية الحفرة وتركتها تقود على ناحية التل حتى اصطدمت السيارة بشيء ما، وتوقفت فجأة. كنت مرمية على المقود واصطدمت يدي بشيء ما. حتى تلك اللحظة كنت السيدة كريستي“.

لم تتحدث أغاثا كريستي عما حدث حين كتبت سيرتها الذاتية، ولم تكتب أي شيء عن نهاية زواجها سوى “لا داعي لأن نخوض في الأمر”.

في عام 1977، كاثلين تينن كتبت رواية عن هذه الحادثة وأسمتها “أغاثا”. حُولت الرواية إلى فيلم من بطولة فانيسا ريدغريف.

مؤخراً، طرح فيلم تلفزيوني بريطاني نظرية جديدة: “أغاثا وحقيقة الجريمة”؛ مفادها أن أغاثا اختفت لكي تشارك في التحقيق في جريمة قتل.

Exit mobile version