سولو

أيام فخر الدين.. عندما يدوَّن التاريخ بقلم وألحان الرحابنة

يا مهيرة* العلالي فرسانك ناطرنين

وان يهدر الشمالي قوليلن حاضرين

بهذه الموسيقى والأصوات المهيبة والإيقاع التراثي صوّر لنا (الأخوين رحباني) تحرك جيش الأمير (فخر الدين المعني* الثاني) في صده للجيش العثماني بقيادة الوالي (مصطفى باشا) القادم للإطاحة به وقد سبق هذه الموسيقى إيقاعات خافة تعلو باستمرار وانتظام مع كلمات تركية صارمة تظهر تقدم الجيش العثماني من مكان بعيد، وكأنك مراقب من مكان عالٍ يشهد هذه المعركة المرتقبة.

نحن نتحدث هنا عن معركة (عنجر) التي حدثت عام 1622 في المنطقة الحدود اللبنانية السورية اليوم المعروفة باسم (المصنع)، وبالرغم من أن قوام الجيش العثماني امتد بحسب المصادر إلى 45 ألف مقاتل مدجج بالسلاح مقابل 12 ألف من جيش الأمير (فخر الدين المعني) ، إلّا أنه استطاع أن يفوز بهذه المعركة وأن يوقع أكثر من 6 آلاف قتيل بين العثمانيين وأسر الوالي (مصطفى باشا) العثماني، وكنتيجة لهذا الانتصار استمر حكم الأمير (فخر الدين المعني الثاني) لمدة عشر سنوات إضافية وامتد حكمه من (حلب) شمالا على طول الساحل الغربي للمتوسط حتى (العريش) جنوبًا في (سيناء) .

بعد أكثر من 300 عام قام الأخوين رحباني (عاصي ومنصور) وفرقتهم بتقديم مسرحية “أيام فخر الدين” التي تحكي عن ذلك الحاكم الداهية الذي استطاع أن يمد امارته لتشمل معظم سوريا الكبرى ومن ضمنها لبنان الحالي واستطاع أن ينتزع اعتراف الإمبراطورية العثمانية بسيادته ويعتبر عند المؤرخين المؤسس الحقيقي للبنان الحديث، حيث لم يحكم قبله لبنان عدا أمراء متعددون.


(هيدي العلامة رجع للشط فخر الدين
 يا رجعة السيف
يا سنين الكبر يا سنين
 يا حراشنا* حوربي* يا جبالنا غنّي
 فرسان لبنان ع خيول البحر جايين)

تبدأ المسرحية مع تهليل السكّان بعودة فخر الدين من منفاه في أوروبا الذي يؤدي دوره العظيم (نصري شمس الدين) بصوته المهيب ومنذ الدقائق الأولى لعودته يشرع (الرحباني) بإظهار (فخر الدين) وهو مهتم بإعمار لبنان عن طريق الزراعة وبناء الجسور والقلاع وإنشاء العلاقات التجارية البحرية مع دول حوض المتوسط عن طريق بناء الموانئ والاسطول البحري.

هذا الشوق الظاهر في المونولوج الذي بدأ به (نصري شمس الدين) يعكس مدى تلهف (فخر الدين) إلى تجاوز المحنة التي سبقت منفاه وإلى تطبيق الكثير من الأفكار التي حصل عليها خلال زيارته لأوروبا من تعمير القصور والاهتمام بالبنية التحتية الذي أدى إلى زيادة شعبيته بطريقة جارفة بالإضافة لحنكته ومعرفته بالعلاقات الخارجية والمفاوضات السياسية الداخلية بين أبناء العائلات الكبيرة اللبنانية التي ظهرت في محاورات عديدة لعقد الصلح بين المتخاصمين وبين العلاقات السياسة الخارجية باستقدامه لقناصل الإمارات الأوروبية إلى بيروت التي مد بينه وبينها علاقات تجارية.

في خضم هذا الاستقبال الحاشد الذي تخلله تقديم الهدايا للأمير من المناطق اللبنانية ظهر صوت (عطر الليل) فيروز الملائكي وهي تصفه:

(قاطع متل العدل ، محني متل التواضع، وبحدّو الفاصل … بتخلّص لبنان)

ويشكرها فخر الدين على هذا الوصف شارعًا بداية واحدة من أجمل عروض وأغاني الدبكة الفلكلورية وأغاني الزجل الحماسية التي قدمها الرحباني على المسرح، وبعد انتهاء الحفل يتعرف الأمير فخر الدين على (عطر الليل) التي من “بلدة انطلياس” (التي هي مسقط رأس الأخوين رحباني بالمناسبة) وأبوها (عباس) العسكري في حرس الأمير (فخر الدين).


(العسكري ما بيسأل..)

وتمضي الأيام والأحداث في المسرحية ويقوم (الرحباني) بتصوير الشر المركب من الحسد والضغينة عن طريق أميرة لبنانية عثمانية و(الكجك* أحمد) على الرغم من أن (فخر الدين) قد ربّاه في صغره وقام بتعيينه مستشارًا له، إلا أنهم قد ملاؤهم الحسد من تعاظم سلطة (فخر الدين) والخوف على مكانتهم الاجتماعية في ظل ازديدا نفوذ اللبنانين مما يدفعهم للتحريض على الأمير عند السلطنة العثمانية العليا للإطاحة به، وإضافة إلى ذلك يقوم (الكجك أحمد) بمحاولة إبعاد حرس الأمير عنه بنقلهم إلى مناطق بعيدة.

كان من ضمن الحرس الذين تم نقلهم (عبّاس) والد (عطر الليل) الذي تدور بينه وبين ابنته محاورات رائعة ملهمة في كلماتها وألحانها، فحين سألته (عطر الليل) وقت وداعه لماذا لم تخبر الأمير كي لا يتم نقلك يجيبها :

(.. العسكري ما بيسأل.. بيته الباروده.. بيحملا وبيرحل ..
هون بالخدمة وفوق بالخدمة .. وين ما اتنقلنا .. بهالوطن نحنا منتنقل .. )

 

و يرحل أبوها وتقوم (عطر الليل) بدندنة مطلع لأغنية وهي تفكر في تتمتها علّمها إياها أحد “الختايرة” سائلًا إياها أن تبحث عن تتمتها بين القرى..

( بيي راح مع هالعسكر ..
حمل سلاح .. راح وبكّر*
بيي علّا .. بيي عمّر .. )


 (قول لاسطنبول .. نحنا وطن عم يتلاقا .. بِيعلّي قلاعه وبراجه ..
ومادد إيدو للصداقة .. لا رح نتعدّى ع حدا .. ولا حدا علينا يتعدّى)

بهذه الكلمات الرنانة أنهى الأمير (فخر الدين) رده على وفد السلطنة العثمانية الذي وصله محذرًا إياه من زيادة نفوذه وجعل بيروت عاصمته وتطويره الكبير للبنية التحتية الذي اعتبرته (إسطنبول) أفعالًا عدوانية تهدد مصالح (السلطنة العليّة)، وفور فشل المفاوضات “إن صح التعبير” شرَعت (عطر الليل) بموالها الشهير (يا قمر مشغرة*) وأغنيتها “خطة* قدمكم ع الأرض هدّارة ” المتحدية مما أنذر بقدوم الجيش العثماني للهجوم على لبنان وحدوث معركة (عنجر) التي تكلمنا عنها في المقدمة. ..

 

وخلال المعركة الدامية وأصوات المدافع يحوّل (الأخوين رحباني) المشهد إلى البلدة التي اجتمع فيها النساء والصغار يتضرعون للقدير بأن يساندهم وينصرهم بأغنية خالدة لفيروز (يا سكان العالي)

 

( عنّا بيوت سطوحا عليّة ورا عليّة
بوابها مفتوحة للشمس والحرية
يا ساكن العالي طل من العالي
وطيّر الحمام ع طراف الأيام
لأدرنا ننام ع إيدين السلام )

 

وبعد سماع العديد من أصوات المدافع يظهر النشيد بلهجة الفرح:

يا مهيرة العلالي فرسانك ناطرنين
وان يهدر الشمالي قوليلن حاضرين

ويعود جيش الأمير (فخر الدين) منتصرًا بمعركته على الجيش العثماني وآسرًا قائده (مصطفى باشا)، وقبل أن يقوم الأمير بإطلاق سراحه يسمعه كلمات رنانة أشعلت الجمهور بتصفيق حار حيث قال:

(يا باشا انتَ حر .. بدك تصادقنا حر ..
بترجع بتعادينا حر .. لكن نحنا وطنّا بدو يبقى حر)

وبعدها تبدأ الاحتفالات بإكمال (عطر الليل) “فيروز” للأغنية التي ترافقنا طوال المسرحية وهي تدندنها:

بيي راح مع هالعسكر حمل سلاح راح وبكّر
بيي علّا بيي عمّر .. حارب وانتصر بـ عنجر

وتصف (فخر الدين) حين تقول:


يا بو السيف القاطع ملعب خيلك واسع
وقواس الزينة منصوبة لعزّك انت وراجع
وصبايا ترش العنبر وبلادي ع ايدك تعمر

 

(.. إذا أنا ماكنت ما في وطن .. )

بهذه الكلمات الحاقدة تطلق الأميرة اللبنانية زفراتها الحزينة بسبب انتصار (فخر الدين) وسيطرته وتعمير لبنان الجديد المهدد لطبقة الأمراء الفاسدة، ويزداد الحقد حين يقرر (الكجك أحمد) مستشار الأمير (فخر الدين) خيانته علنًا والذهاب إلى اسطنبول كي يستنجد بهم مجددًا للقضاء نهائيا على سلطته ودولته، معلنًا أن معركة (عنجر) ماهي إلى بداية حرب يجب أن تفوز بها السلطنة العثمانية.  تظهر الأميرة تخوفًا رغم الشر الذي بداخلها من الحرب خرابها وويلاتها التي ستلحق بالجميع، وبأنها ضد الأمير لكنها مع بقاء لبنان بدون تدمير.

بعد هذه السوداوية المخيفة ينتقل المشهد إلى الميناء في بيروت وإلى حالة الازدهار التي شهدها هذا الميناء خلال عهد الأمير (فخر الدين) عن طريق سلسلة (اسكيتش) من الأناشيد والأهازيج التراثية والبحرية القديمة كـ (هيلا هيصة) التي اندمجت مع كلمات وألحان جديدة (للأخوين رحباني) :

  • يخزي العين .. هالمينا بتملّي العين .. يخزي العين والعينين
  • ارتاح ارتاح يا شيخ المينا
  • يا ماريا يا مسوسحة القبطان والبحرية التي هي من ألحان سيد درويش
  • شواطينا رحنا وجينا
  • مراكبنا ع المينا

وقد تم إعادة اصدار هذا الاسكتش عدة مرات وصور تلفزيونيًا على نحو خاص.


(النسر لازم يتقوص قواص .. مش لازم يختير)

تقرع طبول الحرب وتأتي الأخبار بأن الجيش العثماني قادم مجددًا وهذه المرة بأعداد أكبر للقضاء على الأمير (فخر الدين)، ويظهر (الأخوين رحباني) نمو الشعور الوطني لدى السكّان حين قام أبو جرجي (الذي أدى دوره الرائع فليمون وهبي) بتناسي خلافه الكوميدي المحلي مع جاره بخصوص الدرْجة* واستيقاظ روح الدفاع عن الوطن حين قال (.. لا تخافوا البلاد لأهلها .. واللي بدّو يخطّ هون بدبحو ع الدرْجة .. لكن رغم ذلك تظهر (عطر الليل) الخوف لأول مرة في ظل الأخبار التي تصل من المعارك المتفرقة التي تحدث مع الجيش العثماني ، وهي تخاطب أملها الوحيد الأمير (فخر الدين) وتناديه بسؤالها البريء “لماذا؟” لماذا كل حدث كل هذا على الرغم من أننا عملنا واجتهدنا ومشينا في طريقك ورفعنا القبب والحصون والجسور، لماذا نحصد الخوف والفزع بدلا من الاستقرار؟ ويجيبها “فخر الدين” بأن كل الذي تم بنائه سيبقى لهم، وترد : إذا كان لهم ، لماذا إذن قام بعضهم بخيانتك والانضمام لأعدائك من السلطنة العثمانية؟ في إشارة لخيانة (الكجك أحمد)، وخيانة بعض القرى التي انقلبت على فخر الدين أثناء القدوم الجيش العثماني مجددا.

 

أثناء المحاورة الحزينة بين (عطر الليل) و(فخر الدين) يشرح لها بأن الذي يريد الإعمار يجب عليه أن يكسّر الأحجار للبناء ويشبّه الناس بالأحجار التي منها من يفرح لجعله ضمن البناء ومن ضمنها من يتفتت ويهرب من بين أيدينا، لكن الإعمار يجب أن يكتمل، وقدره أن يكون بناءًا للبنان وبأنه مدرك لنهايته الحتمية، وبأن عهده قد انتهى حيث قال: ( بس النسر لازم يتقوص قواص .. مش لازم يختير .. ويموت بوكره ع القش) وقد أدت هذه الخيانة إلى اختباء (فخر الدين) في إحدى المغارات في منطقة (جزّين).


(كل شبر وحقه قبر)

تدور محاورة قصيرة خالدة تصور للمستمع جميع الحالات الإنسانية في مختلف الظروف والأزمان بين جندي أب محارب ضد الطغيان وابنته وأسئلتها البريئة وهي تبحث عن أي علامة كي تطمئن بها وعن سبب هذه الحرب

ولماذا لا يدعوننا وشأننا وإلى متى ستبقى هذه الحرب (وراحتلا كتير؟)، وقوم (عباس) بشرح الوضع القائم المرعب لابنته بكل حزم وبسالة وبأنهم على الرغم من أن أعداد العدو أكبر منهم بأربعة أضعاف إلا أنهم يحاولون صد هذا الهجوم بكل طاقتهم وكل شبر من أرضهم ثمنه قبر، ثم يفتح لنا بادرة أمل بأن الشتاء قادم قريبًا، الشتاء الذي كان رمزًا للتعاسة والحزن والبرد القارص أصبح شعلة أمل لـ(عطر الليل) وجنود (فخر الدين) عسى أن يساندهم في حربهم ضد الجيش العثماني، لأن الثلج والضباب سيشكل غطاءً لهم للانقضاض على العدو واجباره على الانسحاب.

على الجانب الآخر يظهر الرحابنة مشهدًا يظهر أحد الجواسيس العثمانيين وهو يحث معاونه على ضرورة الإسراع في تقليب الموالين لـ(فخر الدين) وخيانته لإنهاء هذه الحرب قبل حلول الشتاء وإلا سينسحب الجيش وينتصر (فخر الدين).

لكن الرياح لم تأتِ كما اشتهت أنفسنا، فالشتاء تأخر على غير عادته، ويزداد التوتر بين مناصري (فخر الدين) ويظهر ذلك في الحوار القصير الذي دار بين (الشيخ خاطر) “أحد معاونيه المخلصين” والأمير (فخر الدين)، حيث كان يتمنى (الشيخ خاطر) أن يأتي الشتاء سريعًا كي ننتهي من هذه الحرب لكن ردّ الأمير كان:  

(لا الشتي وحده بينصر، ولا عسكرهن بيكسر .. اللي بيخوف يا شيخ خاطر .. الخيانة ..)

نظرًا لعدد الأناس الذين خانوا عدهم مع الأمير وانضموا للجيش العثماني وأولهم (الكجك أحمد) الذي ذهب إلى إسطنبول وأتى بهذا الجيش وهو يترأسه كي يطيح به، وتظهر كذلك في هذه الأثناء (عطر الليل) لتخبره بصلوات الناس، لكن في ذلك الوقت يصل العسكر لمغارة (جزين) حيث يختبئ (فخر الدين) ويحاصرهم وحينها فقط يختار (فخر الدين) الاستسلام لـ (الكجك أحمد) الذي يترأس العسكر لكن بشروط تم الاتفاق عليها، بأن يذهب بقافلة مهيبة قوامها 3000 شخص لمقابلة السلطان بما تحمله هذه القافلة من تشريف لـ(فخر الدين المعني).

يعترض (الشيخ خاطر) “الذي لعب دوره (وليم حسوني)” على هذا الاستسلام ويطالبه بأن نستمر بالقتال حتى الرمق الأخير وبأن الشتاء قادم لا محالة ولا داعي للاستسلام الآن لكن (فخر الدين) كان له رأي آخر وقال بصوت (نصري شمس الدين) الأوبرالي:

( لاء .. ما بدنا نهبّط يلي عمرناه .. واللي بدنا نقولو قلناه ..
وعرفو بإنه لبنان كان وصار وبدو يبقى ..
لبنان انبنى .. وهلئ المفاوضة صارت عليّي أنا .. )

وتتساءل (عطر الليل) كيف ستترك لبنان بهذه البساطة فيجيبها:

(فخر الدين)        : بسألك يا عطر الليل، انزرعت الأراضي؟

(عطر الليل)         : إنزرعت

(فخر الدين)         : عليت الجسورة؟

(عطر الليل)         : عليت

(فخر الدين)         : اتعمر ؟

(عطر الليل)         : اتعمر وعم يتعمر

(فخر الدين)         : فإذن صار بقدر روح، أنا شو بهم بقيت أو ما بقيت .. هوّ بيبقى

وتشتعل الموسيقى الصاخبة بموكب فخر الدين المهيب وهو يودع لبنان للمرة الأخيرة ..

حيث ذكرت المصادر التاريخية بأن (فخر الدين) وأبناءه ونسائهم قد تم أسرهم في قلعة دمشق ونقل بعدها إلى إسطنبول مع أولاده وحرسه واستطاع (فخر الدين) أن يقنع السلطان العثماني في بداية الأمر بأنه لم يكن يعلن العصيان على الدولة فحكم عليه بالإقامة الجبرية في إسطنبول، حتى حدثت قلاقل في دمشق حيث قام ابن شقيق (فخر الدين) بثورة ضد العثمانيين بسبب أسرهم لـعمه وقام بمهاجمة الوالي دمشق و قام أنصاره بمهاجمة صيدا وثاروا في جميع المناطق وانتقموا من العثمانيين، عندئذ أمر السلطان بإعدام (فخر الدين المعني الثاني) مع أولاده  عام 1935.

لم يذكر (الأخوين رحباني) مصير (عباس) والد (عطر الليل) بشكل مباشر لكنهم وضعوا خاتمة لهذه المسرحية تعطيك صورة بأن (عباس) قد استشهد إما في الحرب أو أنه أعدم في (اسطنبول) مع (فخر الدين)، حيث ظهرت (عطر الليل) وهي تدندن حزينة تلك الأغنية التي علقت في أذهان الحضور ..

بيي راح مع هالعسكر .. حمل سلاح راح وبكّر
بيي علّا بيي عمر .. حارب وانتصر بـ عنجر

ويرد الملأ رجالًا ونساءً عليها بأن أبوكِ (الذي يرمز للبطل سواء أكان القائد أم المجند) لم يذهب دمه وتعبه هباءً وسيظل خالدًا مع الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الوطن، وبأنه سيعود متجسدا بالحضارة التي بنيت والزراعة التي اعتني بها وبكل تفصيل من الطبيعة التي تميّز (الأخوين رحباني) بوصفها بجميع تفاصيلها والأجيال التي ستذكره وتذكر فضله أبد الدهر، بالطبع هنالك تفصيل كثيرة ومحاورات موسيقية عديدة لم أذكرها في هذا المقال كي لا يطول أكثر من اللازم، بنفس اللحن ..  بأداء مهيب .. يختمون بها هذه المسرحية الخالدة.

بيّك صار برج مسوّر .. صار القصة اللي بتتخبر
غلب وبدّو يرجع يغلب .. راح وبدّو يرجع أكبر ..
راجع  باصوات البلابل
راجع بغناني الحصادين
ساكن ع طراف المعاول
ساكن بفراريع الحطابين
واقف ع بواب القناطر
جايي مع هبات الأشعار
إيدو عم تزرع البيادر
صوره مضوية بصدر الدار
ساكن خلف المعنى وبين البزّارة والنسمة
بين الريح وبين العين وخلف حروف الكلمة
ساكن حد اللوز وبين الزيتونة والسبلة
بين السيف وبين الحد وتحت عيون النبلة
راجع بزنود الفوارس
راجع بأيام الأعياد
طالِل من كتب المدارس
وبدّو يخلق بقصص الأولاد

وتجي إيام وفرحك يكبر
دني تنقام وسما تتعمر
قطع المرمر تقلب سكر
والأيام الحلوة تكبر
هدرت الريح .. طلع الورد، انشتل الجرد، انجبل العنبر
هدرت الريح .. لمع السيف، وسع الصيف، وقمرك نوّر
واللي صار .. صار وصيّر
والمشوار .. بعّد أكتر
وطني صار ..
وطني الوعد ووطني الجوهر ..

المسرحية كاملة
https://www.youtube.com/watch?v=zQIzkNj34gY
https://soundcloud.com/ohlalaa/1966a

  • مهيرة*: تصغير المهرة.
  • المعني*: نسبة لأسرة المعنية إحدى السلالات التي حكمت مناطق واسعة من لبنان.
  • الكجك* : قلب مدني وعسكري كان يستعمل في عهد الدولة العثمانية وكان بمعنى السيّد الصغير أو الآغا الصغير .
  • بكّر*: ذهب في الصباح الباكر.
  • مشغرة* : هي إحدى القرى اللبنانية تقع على السّفح الشّرقي لسلسلةِ جبال لبنان الغربيّة.
  • خطة*: من خط القدم والخطوة.

About Author

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.