سولو

سلامة العبدالله، حداثة للفن الشعبي..

 

بقلم: تركي الزهراني

يُعتبر سلامة العبدالله أحد أهم الفنانين في السعودية، والذي برز على الساحة الفنيّة في فترة الستينات الميلادية، وبتقديمه للألوان التراثية والشعبية بشكلٍ غير مُبتذل، ومُضيفًا إليها تطويره الموسيقي البديع، مُنطلقًا بها ليُعلن بداية حداثة الفن الشعبي، دون التخلّي عن أصالته.

سلامة الذي ولد في منطقة حائل، وترعرع في مكة المكرمة والطائف، وانتقل لنجد لإكمال مسيرته الفنّية، أنشئ شركة فنيّة تحت اسم “هتاف” في القاهرة، لكي يعيد تسجيل أعماله فيها، ويدعم الفنانين الصاعدين آنذاك، ولُقِّب بـ”صوت نجد” و”صوت المنطقى الوسطى”.

كان لسلامة شعبية كبيرة بين المُستمعين في زمانه، رغم إبتعاده عن الاضواء وظهوره الإعلامي النادر جدًا، وترك آثرًا كبيرًا في مُستمعين تلك الفترة الزمنية، بتطويره للأعمال الشعبية وظهوره بشكل مُختلف عن جميع الفنانين. حيث كان الإختلاف في روح سلامة العبدالله وفي كينونته، سلامة؛ إختلاف.

ينتبذ في مكانٍ قصي، يمسك بِعوده، يغنّي.. يلحّن أحزانه، فهو فنان الحُزن، يرافق الحُزن منذ طفولته. تصل أشجانه إلى آذان الأنام، يجتمعون حول شجوه، يطربون.. يحزنون.. يفرحون، تأخذه أشجانه إلى النجومية، وإلى الواجهه، دون إرادة منه، وهذه مُسلّمة: لا يمكنك إخفاء الضوء عن أُناس يتلهفون للضوء. وضوء سلامة هو التعبير عن الحُزن، وهؤلاء الذين يتلهفون للضوء هم من يبحثون عمن يُعبّر عن أحزانهم، من يحمل همّهم ويحملون همّه.

هكذا كانت علاقة سلامة بجمهوره، يحمل همومهم ويحملون همومه، حيث يقول في أحد اللقاءات الصحفية:

“طفولتي يتيمة.. كلها حزن.. ومعاناة.. وشبابي كله ألم، عمري الآن خمسين سنة وضحيت وما زلت أُضحي، لقد حملت هموم الآخرين إضافة إلى همومي.. وأشك أن أحدهم حمل همّاً من همومي يومًا أو بضع يوم.. ولذلك كنت سلامة؛ مترجم أحزانه وأحزان غيره”.
هذا التصريح، يُعتبر إختصارًا لحياة سلامة العبدالله منذ ولادته، وإلى دخوله للفن، وإلى وفاته رحمه الله.

لقد أثرى سلامة الساحة الفنيّة آنذاك، بالكثير من الأعمال مع مُختلف الشعراء في الخليج، وبين أعمال شعبية مطورة، وبين أعمال مكبلهه.

فقد أضاف أدوات تعتبر حديثه على الفن الشعبي، مثل الأورج، والجيتار، وكانت أغانيه تحتوي على حيوية أكثر من بعض الأغاني الشعبية، وتفرّد بهذا.

وتعاون مع الأمير الشاعر سعود بن بندر، وكتب له أحد أشهر أعماله، وهي “تولعت بك”:

 

وأيضًا من كلمات سعود بن بندر، أغنية “لا تعتذر”:

 

وتعاون مع الشاعر الكويتي طلال السعيد، حيث كتب له أغنية “ودعتها” وعدة أُغنيات أُخرى:

 

ومن أشهر الألوان التراثية والتي طورها سلامة، هي الأغنية التي شكّلت نقله في شهرته، حيث أن هذه الأغنية ذاع صيتها كثيرًا، وهي “يا علي” والتي تُصيبني القشعريرة كُلّما سمعتها:

 

“يائس وبترجاك”، أحد أغانيه المكبلهه، وغناء فنان شعبي لأغنية مكبلهه، يُعتبر تحديًا كبيرًا:

 

كان سلامة مُنتقيًا لكلمات أغانيه، فكان يختار الكلمة التي تُعبّر عن وجدانيته، وتُحرك أشجانه. وأعذب الألحان والألوان الشعبية، التي كانت كما هي حتى بدأ بتطويرها وتحديثها، والمحافظة على وزنها في أصالتها، ودون تشويه لها.
صوته جذب كبير مُلحنين الخليج، الراحل سراج عمر، ولحّن له أغنية “يا ناوي جرحي”، لكنّها لم تلقى ذلك الصيت الواسع كبقية ألحان السراج، رغم عذوبة لحن تلك الأغنية.

 

أعتزل سلامة الفن في العام 1998م، بعد رحلة مليئة بالأعمال التطويرية للفن الشعبي، رحلة كانت مع الناس وللناس، لم يكن يظهر إلّا في بعض الحفلات، والجلسات البسيطة، وأعماله التي يصدرها عبر أشرطة الكاسيت، وكسب حُب الكثير من الناس له. ولكنه عاد ليلبي طلب الجماهير في بعض الحفلات والمهرجانات مثل مهرجان الدوحة الخامس.

 

توفي رحمه الله في عام 2007  في اليوم الثالث عشر من شهر يناير، بعد صراعه الطويل مع المرض، تاركًا لنا كل تلك الأعمال العظيمة والخالدة التي تُعتبر إرثًا فنيًا يُعبّر عنّا. ويجب الحفاظ عليه لا تجاهله وعدم إعطائه الأهمية، وهذا ما يحدث الآن مع أعمال العظيم سلامة العبدالله.

About Author

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.