سولوشخصيات ومشاهير

ذكرى رحيل كروان الشرق

 

بقلم: تركي الزهراني

في مساء اليوم الرابع من شهر أيار(مايو)، وفي العام 1991، انتهى عصر كامل من الفن، بدأ منذ العشرينات الميلادية، برحيل موسيقار الأجيال وكروان الشرق وزعيم المجددين والأستاذ: محمد عبد الوهاب. بعد 70 عامًا تقريبًا من القرن العشرين ظل فيها يساهم في صنع وجوه جديدة للموسيقى العربية وكان يؤثر في الموسيقيين وفي الوسط الفني العربي كاملًا.

كان نقطة تحول في حياة عدة فنانين وموسيقيين ومنهم من تتلمذ عنده، مثل نجاة الصغيرة، ومحمد الموجي، ووردة الجزائرية ومحمد سلطان، ومحمد ثروت وغيرهم. وتعاونه الهام مع أحمد شوقي وغيرها من

المساهمات في الفن المصري والعربي، وكل هذه أشياء معروفة عن وهّاب لا تخفى على الكثيرين، وأنا هنا في صدد الحديث عن وفاته والتأثير الذي حصل على الموسيقيين والشعب إثر وفاته، جنازته العسكرية التي أمر بها رئيس مصر آنذاك: حسني مبارك.

توفي محمد عبد الوهاب في مساء يوم السبت، جرّاء وعكة صحية ألمت به، حيث أصيب حينها بجلطة دماغية، نتيجة سقوطه الحاد على أرضية منزله بعدما انزلق بسبب السجادة الأرضية.

وكان آخر عمل قام بغنائه هو “من غير ليه”، وآخر قام بتلحينه هو “اسألك الرحيلا” من شعر نزار قباني، ولحنه لتلميذته: نجاة الصغيرة.

رحل زعيم المجددين إلى جوار ربه، وتم تشييع جثمانه في يوم الأحد، ٥ مايو، بجنازة عسكرية أمر بها الرئيس الراحل حسني مبارك، جنازة كان في مقدمتها كبار رجال الدولة، وعائلة الراحل، وأكثر من ١٥ ألف مواطن مصري. ولم يكن الحزن على رحيل الموسيقار مصريًا فقط، بل كان عربيًا بلا شك. من المحيط إلى الخليج.

حُمل عبد الوهاب في عربة تقودها الجياد، ويضمه علم مصر، وعلى الرغم من أنها جنازة عسكرية، إلّا أنها كانت شعبية في نفس الوقت بحضور جمهور وهّاب الغفير. والعربة تحمل نعش عبد الوهاب، كانت الموسيقى الجنائزية ما زالت تعزف، مع دموع الحاضرين. وصلاة جنازته، أمها الشيخ محمد سيد طنطاوي رحمه الله.

مشاهد من تشييع جثمان محمد عبد الوهاب رحمه الله:

 

وفي مراسم العزاء في بيت محمد عبد الوهاب حضر العديد من الشخصيات والفنانين مثل: بليغ حمدي ووردة الجزائرية ونجاة الصغيرة وغيرهم، وكان الحزن ظاهرًا على وجوه جميع الحاضرين.

يقول أحد الصحفيين الحاضرين للعزاء:
“كان الحزن حقيقيًا.. عميقًا.. وصامتًا، اختفت – على غير ما توقعت – كل مظاهر الطبقية والمظهرية التي تتجلى في جلسات العزاء عادة.. وكأنما اطفأت النجوم أنوارها، بعد أن غابت الشمس الكبيرة، توقعت أن أغرق في طوفان من أهل الفن، قمة في التجمل والتألق.. على العكس تمامًا، اخفى السواد الشعور، واختفى الذهب والماس، ولم يكن هناك سوى الأحزان. السواد، السواد كان اللغة والكلمة، كان المظهر الحقيقي”.

وكانت وردة الجزائرية تربت على زوجته، نهلة القدسي، وكانت ياسمين الخيام تقرأ القران في غرفة وهّاب، وهي أول سيدة من الوسط الفني علمت بوفاة عبد الوهاب. ويمضي الوقت في العزاء، والأحاديث كلها تدور حول وهّاب، وذكر آيات من القرآن الكريم في المنزل.

قال في رحيله محمد الموجي:
“كان عبد الوهاب نموذجًا ومثالًا للفنان والإنسان، وفقده يعتبر خسارة كبيرة علينا جميعًا.. زملائه وتلامذته ومحبي فنه”.

وقال أحمد فؤاد حسن:
“برحيل عبد الوهاب فقدنا الأب والأخ والصديق الذي كنا نلجأ إليه والذي لم يتردد لحظة في مد يد العون لإنسان. أفضل تكريم لعبد الوهاب أن يجيد الفنانون فنهم وأن يعشقوه كما عشقه ويخلصوا للفن كما أخلص هو”.

والفنانة صباح:
“مثله مثل كل العظماء، كان أبًا للجميع وأخًا، علمنا كيف نكون “ملوكًا” في تصرفاتنا.. وعدني بلحن ولكن القدر شاء الّا يتم، ورحل ومتى يعرف الإنسان نهايته”.

رحيل عبد الوهاب.  والرابع من مايو في كل عام هو تجديد لذكرى رحيله عن عالمنا، بعدما غزت ألحانه جميع أقطار العالم العربي.

الأغلب يعرف سيرة عبد الوهاب ومن لا يعرفها فهناك ملايين المصادر لمعرفتها، لكن الأغلب لا يعرف ماذا حصل بعد رحيل كروان الشرق، الجنازة، العزاء، ما قاله تلاميذه الاوفياء بعدما رحل، وأنا هنا اختصرت بعضه من بعض الأفلام الوثائقية والمجلات والصحف المصرية والعربية التي صدرت بعد رحيل الموسيقار بعدة أيام وتحدثت عن وفاته، ونَقَلت مشاهد ومشاعر العزاء من الشعب المصري إلى العالم كله.

About Author

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.