هاجر من لبنان ليقود أشرس عصابات برلين | مراجعة مسلسل 4 Blocks
لطالما تعلمنا من شاشات التلفاز أن الذين ينضموا للعصابات والمافيا إما بسبب طفولة قاسية أو سياسات بعض الدول التي أهملت هذه الفئة من الناس وجعلتهم مثل القنبلة الموقوتة التي ستنفجر في أي لحظة ويكون لها تأثير مخيف على الطبقات السياسية والأغنياء والأبرياء، بداية من صقلية “كورليون” إلى الباكركي “هايزينبرغ” إلى شيكاغو “آل كابون” إلى مكسيكو “آل تشابو” إلى كولومبيا “أسكوبار”… هي عدوى انتشرت ووصلت الى أحياء العاصمة الألمانية “برلين” حيث تقبع أخطر العصابات العربية من حي “نويكولن ” بزعيمها الأوحد “توني حمادي”.
قصة مسلسل 4 Blocks:
لطالما كانت أغلب أعمال المافيا تتناول لنا قصة صعود المافيات ووصولها الى رأس القوة والسُلطة في أعلى ذرواتها وفي أحيان أخرى سقوطها.. وهنا الاختلاف الجميل الذي تراه في هذا العمل. عن “علي حمادي” زعيم أشرس العائلات العربية التي هاجرت من “لبنان” بعد الحرب الأهلية “عشيرة حمادي” والتي استقرت في العاصمة الألمانية “برلين”. يسعى “علي” أو “توني” _كما يُعرف في أوساط “برلين”_ لترك أعمال العصابات من أجل الاعتناء بزوجته وابنته، وجعل شقيقه الأصغر “عباس” زعيمًا للعصابة من بعده، لكن “عباس” الذي يدير أعمال العصابة بالترهيب والقوة وبطريقة تفكيره الوحشية يقود المتاعب للعصابة، مما يجعل أحلام ” توني ” بالاستقلال عن أعمال العصابات بعيدة عن متناول يده بسبب عودته كل مرة لإصلاح ما كان يفسده “عباس”.
تضاريس العمل:
4 Blocks وهو اسم العمل الذي يجعلك تكتشف كواليس العصابات بشتى منابتها في كل مكان فاسم العمل يرمز الى القواعد العصابية الأربعة والتي من دونها لا تُبنى العصابة ويقوى عودها، “الإتاوات، الكوكايين، القمار، وفتيات وراقصات الليل”، والغريب في الأمر أن معظم أحداث العمل كانت عن روايات حقيقية رواها عدد من أعضاء عصابات حاليين وسابقين ومنهم من تحدث دون أن يظهر اسمه خوفًا ورغبةً بعدم العودة للماضي لتجنب التهديدات، لكي يخرج لنا المخرج صاحب الأصول النمساوية “مارفن كرين” في إحدى تصريحاته ويقول: ” أن العمل كان مبني على حقائق عكسها في عمله والقليل منها مقتبسة من أشهر مسلسلات العصابات وأفلام المافيا”، ويبرز تأثر المسلسل بأعمال المافيا والعصابات حين نعلم بأنه هو أطلق على “علي حمادي” الاسم الإجرامي المعروف به في برلين “توني” تيمناً بشخصية “توني مونتانا” التي جسدها الأسطورة الحية “آل باتشينو” في الرائعة السينمائية (Scarface 1983)
.العمل يشدك منذ البداية بشخصياته، من شخصية “توني” رأس هرم عائلة “حمادي” والذي أدى دوره الممثل اللبناني الألماني ” كيدا خضر رمضان” وتلبس الدور بسلاسة ودقة، فهو الرجل الهادئ الحليم، الأب المثالي لابنته، الذي يدير أعمال العائلة بناءً على قاعدة “سياسة صفر مشاكل”، فهو يتجنب القتل في أعماله وهي أخر الحلول لديه حسب قناعاته، وحتى خلال مواجهة العصابة التركية التي تسعى الى انتزاع المناطق من يد “توني” فهو يسعى إلى الحفاظ على العمل وجلب المال “فنحن لم نصبح رجال عصابات لكي نقتل بل أصبحنا رجال عصابات لكي نسترد ما أخذ منا سواء سياسيًا أو ثقافيًا أو عرقيًا أو ماديًا”… نعم، تحت مبدأ “الغاية تبرر الوسيلة”.
— إقرأ أيضًا: فخ العدالة… في المساومة على القيم | مسلسل Your Honor
إلى الرابر “فايسل غيلن” _ “عباس” الذي جسد الدور بشكل جيّد فهو ممثل مبتدأ لكن قدم أداء جيّد نوعًا ما، مما جعله يجسد الشقيق الغاضب غير المتمرس والذي يحتاج إلى شخص يوجهه حتى لا يتسبب بإنهاء ما بناه أخيه وعمه، فهو الذي يتبنى سياسة القتل والبطش وترهيب الناس، وأنه الحل الوحيد لكي يقوى نفوذهم في “برلين”، ناسيًا أن القوة في العقل وليس بالعضلات وذلك كان واضحًا ببداية مشاهد المسلسل عندما قام بقتل ضابط الشرطة لخوفه من اكتشاف نشاطات العائلة من هنا كانت بداية عودة “توني” إلى عالم الإجرام، بسبب جريمة أخيه غير المتعارف عليها في عالم العصابات والإجرام في “برلين”، ولتقود لبداية الأحداث في هذا العمل الرائع.
مرورًا إلى الرائع “فريدريك لاو” الذي لعب دور شخصية “فينيس” فقد كان من أبرز نجوم العمل. فقد استطاع تقديم دور مثالي جميل بصفات الخيانة وتأنيب الضمير بدقتها، فهو صديق العائلة منذ صغره وترعرع مع “توني” في طفولته لكن يعود لأسباب شخصية تهدف الى زعزعة عرش “توني حمادي” ويعود الى عائلة “حمادي” لكشف جرائمهم بالتعامل مع الشرطة الألمانية وذلك بسبب تقليل مدة حكمه مقابل الوشاية بعائلة “حمادي”، وإلى أين سيقوده اختياره…!
المسلسل على مدار 3 مواسم، قدم تنوعًا مختلفًا في كل موسم عمّا قبله… تنوع الأحداث وتوسع العمل وظهور منافسين أقوياء من العصابات التركية والشيشانية غيرها، وتقديم شخصيات تقود هذه العصابات والعائلات وتدعمها، منها شخصية “محمد صافي” الذي جسدها التونسي “أحمد الحفيان” فقد أعجبت بدوره بصراحه وكأنه كان يتصرف على سجيته دون توتر أو صعوبة في الدور، وهي نقطة مهمة وموهبة لا يملكها كل الممثلين، فهو جسّد كبير عائلة “الصافي” الحامل للتراث العربي اللبناني، وتحدثه لعدة لغات وحبه للطهو في منزله ومستمع للموسيقى، وعائلة “الصافي” هي المنافسة لعائلة “حمادي”. ومن الشخصيات التي أعجبتني حقًا وبالرغم من قلة ظهوره ومشاهده القصيرة في العمل لكن كان له بصمة واضحة جميلة عكسها من خلال أدائه هي شخصية ” كرامي” الذي جسد دوره الممثل السوري “موسى سليمان” وهو بمثابة الرأس الكبير للعصابات العربية واللبنانية التي تنادي به زعيمًا لها ومرجعًا لهم حتى ينالوا رضاه عليهم، فهو صاحب القوة والنفوذ ويرفع من يشاء ويحطم من يشاء حسب رأيه ونظرته لكل العائلات.
–إقرأ أيضًا: إحدى معلقات الأبيض والأسود | 12 Angry Men
_ في نهاية أحب التأكيد على الإخراج الجميل والسلس فقد كان عمل متقن قدّم لقطات جميلة ومشاهد مذهلة بأسلوب إخراجي غير مكرر بأي عمل. ببساطة “لقد كان إخراج على طريقة الألمان” فنجاح هذا العمل يعود لإبداع المخرجين “أوزغور يليديرم” و”مارفن كرين” و”أوليفر هيرشبيغل” طبعًا تحت إشراف صنّاع العمل “هانو هاكفورت” و”بوب كونراد” و”ريتشارد كروب” فقد تم التركيز على كل التفاصيل العربية من الملابس وحتى قصات الشعر، و المأكولات والحلويات العربية كما كان يرددها كثيرا “توني” في استقبال ضيوفه “بقلاوة يا حبيبي” .!
وأحب أن أرشحه لك لمشاهدته، إذا كنت محبًا لأفلام المافيا والعصابات وبعيدًا حتى عن العصابات والإجرام، فهو عمل يمكن أن ترى نفسك من خلاله من خلال رؤيتك لهذا العمل الذي يحمل الطابع الثقافي العربي.
_ كيف عُكس نجاح مسلسل 4 Blocks في المانيا…
1_ جائزة التلفزيون الألماني _ أفضل إخراج 2018 ذهبت لـ “مارفن كرين”.
2_ جائزة التلفزيون الألماني _ أفضل ممثل 2018 ذهبت للبناني “كيدا خضر رمضان”.
3_ جائزة التلفزيون الألماني _ أفضل مونتاج 2018 ذهبت الى “لارس جوردن” و”جان هيل”.
IMDB ⭐: 8.2
التقييم النهائي
الأداء العام للممثلين - 8
الإخراج والتصوير - 8.5
القصة والحبكة - 7
7.8
أحب أن أرشحه لك لمشاهدته، إذا كنت محبًا لأفلام المافيا والعصابات وبعيدًا حتى عن العصابات والإجرام، فهو عمل يمكن أن ترى نفسك من خلاله من خلال رؤيتك لهذا العمل الذي يحمل الطابع الثقافي العربي.
About Author
