أفلامسولو

رجل فرنسي، وموسيقى عربية..

 

بقلم: تركي الزهراني

اليوم، الساعة الثالثة فجراً، شاهدت الفيلم الفرنسي الشهير ”The Hairdresser’s Husband“ او بالعربية ”زوج مصففة الشعر“. الفيلم يتحدث عن ”انطوان“، وحبه للأغاني العربية، وامنيته في الزواج من مصففة شعر!

لكن هذا ليس موضوعنا، بل موضوعنا هو الاغنية العربية في هذا الفيلم.

بعض من مشاهده كانت باصوات فنانين عرب، مثل : فيروز، وراغب علامة، ورباب. اختيار كل اغنية في االفيلم كان دقيقاً، فكل اغنية تناسب المشهد الذي يُعرض. تواجدت الأغاني العربية في الحزن والفرح، كانت تُشعِر ”انطوان“ بنشوة تجعله يرقص ويتمايل مع النغم بكل خفه، حتى لو كان اللحن ثقيلاً، كان يتماشى معه بسرعة، بشكل رائع وطريف .. وبطريقته الخاصه. كأن روحه تطفو في الهواء، متجاهلةً للجاذبية، ولا تعترف بها. وجسده يرقص متجاهلاً الزمان والمكان.

توظيف الأغنية العربية غير مبتذل وجميل، جميع مشاهد الفيلم في كفّه، والمشاهد التي تواجدت فيها الاغاني في كفّه. كان يصف كيفية إنبعاث سحر الاغنية العربية في ارواح الآخرين، دون أي مبالاة لموقعهم الجغرافي او اللغوي. تنبعث الاغنية في روح ”أنطوان“ وتضيف لها طابع سحري، يُدهش الجميع بإستغراب، طابع لا يمكنك تجاهله ابداً، يجعلك تنظر إلى ”انطوان“ وهو يرقص دون ملل وكدر، ولا ترفع عينك عنه ولو لمدة ثانية واحده فقط.

في حفل زفاف ”انطوان“ بمصففة الشعر التي لطالما تمنى الزواج منها قام بتشغيل اغنية ”وادانة” للفنان راغب علامة، وظل رقص مع زوجته ”ماتيلد“ على نغمها، وخرج لنا هذا المشهد البديع :

 

 

أبى أحد الأطفال أن تحلقه ”ماتيلد”، أتى ”انطوان“ لينادي الطفل لرؤية شيء لم يره من قبل، فقام بتشغيل اغنية ”اصفق عليك” للفنانه الراحلة رباب، وظل ”انطوان“ يتمايل على الاغنية، وعيون الطفل تلاحقه بكل دهشه وإستغراب:

 

 

 

بعد رحيل الطفل، وفي مشهد عاطفي بين ”انطوان“ و”ماتيلد“، قام إنطوان بتشغيل رائعة فيروز ”سألوني الناس“، وتمايل ”انطوان“ عليها، حتى أن أتت ”ماتيلد“ ووضعت رأسها على كتفه وبكت، وتُبيّن له كم هي تُحبّه، وكأنهما يعيشان شعور فيروز في تلك الاغنية :

 ”غمضت عيوني خوفي للناس يشوفوك مخبا بعيوني
وهب الهوا وبكّاني الهوى لأول مرة ما منكون سوا“

 

وفي مشهدٍ عاطفيٍ آخر، يُشغّل ”انطوان“ على الراديو القديم الذي يمتلكهأغنية راغب علامة الجميلة، والتي لا تزال تُغنّى إلى الآن ”يا ريت“ :

 

 

أما المشهد الاخير هو الأشهر من بين جميع المشاهد، بصوت الفنانه رباب، كان ”انطوان“ يتمايل طرباً على الاغنية، رغم حزنه بسبب تكرر أمر مؤلم حصل له وهو طفل، وعاد له الآن :

 

 

الأغاني من شدة ترابطها مع المشاهد ودقة الإختيار، شكّلت صورة لتلك المشاهد في ذهني. حيث مع استماعي لأحد اغانيه، يتشكّل في ذهني المشهد الذي عُرضت الأغنية معه، وربما مشهد وسيناريو آخر ليس من القصة ولم يُعرض، يتشكّل بسبب الاغنية. وبالتأكيد هذا الشيء لم يحدث معي فقط.
تنوّع الأغاني واختيار فنانينها رائع، بمزيج خليجي لبناني. بفنانه كويتية وهي رباب، والفنان اللبناني راغب علامة والفنانه اللبنانية فيروز. وما لفتني من بين جميع تلك الأغاني هي اغنية ”وادانة“ لراغب علامة، وسبب ذلك بعد معرفتي لملحنها، وهو الملحن المخضرم عبدالرب إدريس! وايضاً تقديراً للراحلة رباب تم إضافة اسمها من ضمن فريق العمل.
عندما غرّد الكاتب ”طامي السميري“ عن الفيلم، تحدث عن حضور الأغنية العربية في الفيلم، ولا يدري عن سر حضورها، وسأل في نهاية تغريدته : ”هل كان المخرج يريد تقديم موسيقى مختلفة؟“، بالنسبة لي لا أعتقد ذلك، هناك الملايين من أنواع الموسيقى والمختلفة من كل النواحي، ولم يختر منها إلّا العربية، لو كان الأمر كذلك او عشوائي في اختيار الموسيقى لكان بإمكانه إضافة موسيقى غير العربية. لم يُذكر سبب حضور الاغنية العربية، أو لماذا كان ”انطوان“ يحبها، لكن إختيارها ليس عشوائياً في نظري. ربما أن ”ليكونتي“ يحب الموسيقى العربية وأراد إضافتها في أحد أعماله، أو أنه رأى أن حضورها سيضيف طابع جذّاب للفيلم، فأنا لم اتابع الفيلم إلّا بعد معرفتي بوجود موسيقى عربية في بعض مشاهده. وربما لا هذا ولا ذاك.
تناغم الشخصيات مع الموسيقى مُدهش. لم يكتفي ”باتريس ليكونتي“ بإضافة الموسيقى العربية، ولم يجعلها مجرد شيء عابر، بل جعلها كمصوّر للمشاعر بين ”انطوان“ و”ماتيلد“، وكل نقطة تحوّل في القصة مرتبطه بأغنية من أغاني الفيلم.
”ماتيلد“ كانت تحب هذا الشيء في زوجها، ففي بعض المرات كانت تشاركه الرقص، وتُفضّل مشاهدته وهو يرقص على أن ترقص هي معه، فكان يسحرها ذلك الطابع الذي تضيفه الموسيقى لروح ”انطوان“.
الموسيقى العربية اضافت نوع من العذوبه في الفيلم، لم يخطئ ”ليكونتي“ في اضافتها. فيلم متكامل من كل نواحيه، أستطيع مشاهدته أكثر من مرة. بعده تمنيت وجود مشاهد مضاف إليها موسيقى عربية في أفلام أوروبية، لأننا سنشاهد إندماج روح الموسيقى العربية مع عبقرية المخرج الأوروبي، وستخرج لنا أعمال عظيمة مثل “ The Hairdresser’s Husband”.

About Author

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.