تقارير سينمائيةسينما عربية

مستقبل السينما السعودية والعربية

بقلم: عاصم التميمي.

الثقافة العربية تحمل كنوزًا سينمائية غير ملموسة. وإلى الآن لم تتجه أيّ سينما عربية بالتنقيب عنها. من القصص الجاهلية لأمرؤ القيس وغيره ممن عاشوا في تلك الفترة حتى نهاية الدولة العثمانية. يوجد هنا أكثر من 1400 سنة من القصص التي يمكن استكشافها سينمائيًا.

عندما يفكر المواطن العربي بالأفلام العربية أول ما يتبادر بذهنه هي السينما المصرية. السينما المصرية نشطة منذ بداية القرن الماضي في عام 1917 تم إنتاج أول فيلم روائي وتقدمت الصناعة المصرية وأخذت الطابع الكلاسيكي في منتصف القرن وتغيرت باستمرار إلى أن أصبحت على ما هي عليه اليوم. السينما المصرية هي الأنجح عربيًا بلا شك, وهي الوحيدة التي تقف بنفسها, وذلك بسبب عراقتها
طبعًا, والأهم من ذلك كثافة الشعب المصري ودعمهم للمحتوى الوطني حتى وإن كان يغلب عليه الآن أفلام الأكشن والكوميديا.

فيلم الفيل الأزرق الجزء الثاني تخطى مؤخرًا حاجز 100 مليون جنيه! حسب تقارير من مواقع السينما المصرية والتي تشير إلى أنه الفيلم المصري الأعلى تحقيقًا للإيرادات في التاريخ وهذا يؤكد أنه لا يوجد أحد غير المواطنين لدعم الصناعة المحلية. ومع ذلك أهملت السينما المصرية التراث العربي الوفير ولا يوضع اللوم عليها لثقل الحمل لكنها على الأقل خرجت بأعمال عربية أصيلة لعل أبرزها فيلم يوسف شاهين “الناصر صلاح الدين” 1963 ثلاث ساعات ملحمية نافست بمهرجان موسكو السينمائي لذاك العام.

 

إقرأ أيضًا: ليلة باردة وسيناريو ساخن

 

وهنا يأتي دور السينما السعودية والتي نأمل أن تنهض بهذا التاريخ والتراث وتصنع سينما من طراز رفيع. فإن السينما السعودية بنهضتها ستأخذ بيدها الكثير من الصناعات السينمائية العربية التي لا تستطيع الوقوف لوحدها, لعدم امتلاكها العدد الكافي من الجمهور لكي تقف. الدول العربية تكاد أن تكون قطعة واحدة بسبب التاريخ والتراث الإسلامي الذي يجمعهم.
ويوجد قصص تأتي من الشام مثالًا منشأها غير قادر على إنتاج هذه الأفلام وهنا تتحد صناعتها مع الصناعة السعودية. فيتم عرض هذه الأفلام بشكل واسع وبهذا تتقدم صناعة السينما العربية.

السينما السعودية الآن في حالة بناء نفسها وتحتاج العديد من السنوات لكي تقف. تحتاج أولًا للدعم الحكومي من تخفيف ضرائب إلى إنشاء ورش لتدريب صناع الأفلام وحتى وضع تخصصات سينمائية في الجامعات.

حاليًا لا يوجد في السعودية إلا عدد قليل جدًا من دور العرض وهذا أكبر عائق لصناع الأفلام الموجودين حاليًا لأنه لا يوجد شركة إنتاج ستعطيك المال الكافي لصناعة فيلمك بالطريقة التي تراها إذا لم يكن له مردود مادي.

أحد أجندة رؤية 2030 هو إنشاء 2000 دور عرض في العشر السنوات القادمة. وفي أثناء هذا الوقت يجب التركيز على عدة أمور منها, المشاهد السعودي والهوية السينمائية.
أولًا: يجب على مشاهد الأفلام السعودي أن يدعم صناعته وأن يدفع لتذكرة فيلم سعودي بدلًا أن يدخل السرعة والغضب. فيلم هيفاء المنصور الجديد “المرشح المثالي” الذي نافس في مهرجانات عالمية هذه السنة يتم عرضه في السعودية وإذا ذهبت لتحجز تذكرة لعرض الغد فالغالب أنك ستجد معظم المقاعد شاغرة إلا أثنين ربما.
لماذا يفضل رائد السينما أفلام الأكشن على الأفلام السعودية؟
ربما يملك المشاهد السعودي نظرة دونية لأعمال عربية بسبب ترسخ هذه الفكرة من المسلسلات الرديئة التي يشاهدها باستمرار لسنوات على التلفاز وبنفس الوقت اعتاد هذا المشاهد على الأعمال الهوليودية ذات الجودة العالية.
ربما رائد السينما لا يريد أن يذهب لفيلم يصارع ويتحدى عقله وقلبه وأفكاره, ربما يخاف هذا الشيء, لذلك يفضل الذهاب لرؤية “ذا روك” الذي سيمنحه ساعتين من المتعة وهنا ينتهي الأمر. لا يريد فيلمًا يطارده بعد الخروج من دار العرض لأيام وأسابيع.

ثانيًا: السينما السعودية حاليًا في فترة بناء هوية سينمائية ووضع حجر أساس لصناع أفلام المستقبل لكي يمشوا على خُطا من يصنعها الآن. وللأسف معظم الأفلام التي يتم صنعها آخر السنوات مدة عرضها لا تتعدى الأربعون دقيقة وهذا يعود بنا إلى مشكلتنا الأساسية وهي عدم وجود مردود مادي ولذلك هذه الأفلام القصيرة تُصنع لأنها لا تحتاج للكثير من الأموال. لكن من الناحية الإيجابية هذه الأفلام المستقلة تمتلك من الجودة الفنية والحرية الإبداعية الشيء الكبير الذي لا يوجد في أفلام ضخمة الإنتاج. ومن الرواد في هذا النوع المخرج والكاتب والمصور بدر الحمود. كتب وأخرج فيلم “فضيلة أن تكون لا احد” من بطولة إبراهيم الحساوي ومشعل المطيري. كتب وأخرج فيلم “مونوبولي” كوميديا سوداء من إنتاج سيين. وقام بتصوير فيلم “عايش” من بطولة إبراهيم الحساوي. تخيل يا عزيزي القارئ أن يتم إعطاء بدر الحمود مثلًا أو غيره من صناع الأفلام جزء بسيط من الملايين المهدرة على إنتاج المسلسلات المكررة والتي لا تضيف شيًئا ذو قيمة للمحتوى العربي والسعودي.
منذ مطلع هذا العقد والإنتاج الخليجي للمسلسلات يزداد وبالذات في الموسم الرمضاني. يتم رص عشرات الأعمال في هذا الشهر بثلاثين حلقة لكل عمل! وهذا يساعد على تضخم الميزانيات إلى الدرجة التي تعتبر فيها عشرة ملايين ريال ميزانية ضعيفة بسبب وصول ميزانيات أعمال مثل سيلفي إلى 15 مليون دولار حسب تقرير من صحيفة المرصد الإلكترونية.
في عام 2015 تم إنتاج 29 مسلسل رمضاني بين السعودية والكويت فقط!
المخرج الأمريكي باري جنكنز استطاع في 2016 بصناعة Moonlight الحائز على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بميزانية مليون دولار ونصف فقط.

 

إقرأ أيضًا: حين حذفت بيكسار فيلم Toy Story 2 بالخطأ

 

تم إنشاء وزارة الثقافة مؤخرًا هذا العام ويوجد خطوات جادة تهدف لتقدم صناعة السينما بالسعودية.
وفي أول خطوات هذه الوزارة تم افتتاح التقديم لمهرجان البحر الأحمر السينمائي في نسخته الأولى والذي يركز على دعم صُنّاع الأفلام العرب. وتم اختيار أول 12 مشروع ليتم تطويرها, ستة أعمال سعودية وستة عربية من الأردن, مصر, فلسطين, العراق, لبنان.

أخيرًا, يجب على السينما العربية أن تكون جبهة واحدة يدعم بعضها الآخر.
ما يصنع في السعودية والأردن يجب أن يعرض في جميع الدول العربية وهكذا.
بهذا المنوال ترتقي السينما الخاصة بنا جميعًا حتى لا تملئ الأفلام الهوليودية صالاتنا العربية.

 

About Author

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.