تقارير سينمائية

مقال : ليلة باردة وسيناريو ساخن

كتابة : عبدالعزيز العيسى

 

“إذا كنت حقا ترغب بصناعة الأفلام ابدأ بكتابة نصوص الأفلام وكل ما تحتاجه لكتابة سيناريو، ورقة وقلم فقط! ومن خلال كتابة السيناريو سوف تتعلم طريقة بناء الفيلم بشكل دقيق وتبدأ باكتشاف السينما

أكيرا كوروساوا

 

السيناريو السينمائي مهم بِقدر ما هو مجهول وغامض، فإنك حين ما تتعمق في دهاليز هذا العالم السحري ستدرك أن الحكاية تُكتب في القصص وإنك في عالم مختلف تماما عن معالجة الواقع وكتابة الحكايات التي تسمعها. ستعلم ومنذ اللحظة الأولى إنك على وشك أن تخلق عالم آخر. مختلف تمامًا عن الحياة الواقعية.

ستكون ليلة باردة حين ما تخطر في مُخيلتك فكرة عظيمة وساخنة للغاية. وستسيطر على تفكيرك حتى تصبح فكرة جيدة قابلة للتطوير وستقتلك حتى تكتبها لتصبح بعد ذلك فكرة سيئة ومكررة وغير مثيرةً للاهتمام في نظر المنتج أو المخرج.

ولكن قبل أن يحدث ذلك ويعود الليل باردٌ وكئيب بِلا فكرة تجعلك تبحر فيها بعيدًا عن ضجيج الحياة عليك أن تدرك أن السيناريو يحتاج إلى جهد جبار. عليك أن تُعامل الفكرة بجدية مطلقة، عليك أن تشعر بشخصياتك فإن لم تكن تشعر بها أترك النص قليلًا. أبتعد عن الكتابة لفترة من الزمن حتى تشعر بشخصياتك التي تحن إليك.

أنتبه فأنت على وشك كتابة عالم جديد. فهل أنت مستعد لذلك؟

إذًا في البداية وحين ما تأتيك فكرة فيلمك القادم دوّن الفكرة وأترك كل شيء بعد ذلك لخيالك. صدقني السيناريو لا يُكتب في يوم واحد، وإلا لما كان هناك أفلام سيئة!

ثانيًا وبعد ما تجعلها تغلي لمدة كافية في مُخيلتك أكتبها كقصة متسلسلة الأحداث أكتب البداية وحوارات الشخصيات ويُفضل أن تكتب النهاية. ثم أذهب لرحلة بلا هاتف وألقيّ بنفسك من الدور السابع فإن الخطوة القادمة ستجعلك مجنون بالكامل. وهنا حيث نصل إلى السؤال المهم. أصل كل شيء.

” هل حقًا تريد فعل ذلك؟”

صدقني عليك أن تكون مجنون. حتى تكتب شخصية وتخلق لها ماضي ومستقبل وأحداث مُريعة. ستستغل كل شيء في حياتك حتى تكتب فيلم واحد وستصبح منطويا على ذاتك متى ما تخصصت في ذلك. سيصبح كل شيء مُشتتِ بالنسبة إليك. ولكن صدقنيّ الأمر ممتع وعليك تجربة ذلك. لقد جربتهُ مرة وأنيّ أخبرك أن الأمر أشبه بالإدمان، دائمًا ما ستبحث عن قصة أخرى لترويها على الشاشة

ثالثًا عليك تقسم قصتك التي كتبتها إلى مشاهد. مشهد يتلوه الآخر بشكل مُتصاعد حتى تصل إلى القمة “الذروة” ثم أنزِل بشكل هادئ حتى تُوضح كل شيء “كما هي حياتنا فنحن لا نعلم حقيقة الأشياء من حولنا حتى نقترب من النهاية الحتمية!”

ماذا؟

هل شعرت إنك رأيت قصتك في فيلم ما؟

آسف فأنت ولِدت متأخرًا بعض الشيء. فن السيناريو ولِد مع بداية الأفلام الناطقة. حين ما أصبحت الأفلام تتحدث كما يكبرُ الأطفال وهناك الألاف من الأفلام قد كُتبت وآلاف العقول من كُتاب ومخرجين ذهبت إلى جميع المناطق الغريبة التي ذهبت إليها بتفكيرك

أعلم جيدًا أن عقلك مخلوق، يُفكر لإنه خُلق لكي يفعل ذلك وأستغلهُ جيدًا. لا مانع من كتابة أفكار سينمائية مُكررة ولكن السؤال المهم هو “هل ستكتبها كما هي؟” هل حقًا تريد أن يكون فيلمك مكرر؟ آه ليتني لم أواسيك حين ما رفض فكرتك ذلك المنتج

ولكنني أعلم أن هناك الكثير من الحالمين الذين يريدون كتابة فيلم يقتحم أوسع أبواب التاريخ وسيكتبون فكرة قد كُتبت من قبل ولكن بمنظورهم الخاص للحكاية. في الواقع فإن ذلك سيكون عن طريق الصدفة فقط. تذكر دائمًا -نحن لا نفكر بذات العقل-

ولذلك هناك نص سينمائي جيد ومبهر وسخيف للغاية رغم أن قوانين النص السينمائي ثابته منذ عصور ولكن من منّا لا يريد كسر القوانين احيانًا؟

About Author

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.