من الواضح جداً تدني مستوى الأفلام السينمائية في السنوات الأخيرة أو العقد الأخير إن صحّ التعبير ولكن إذا ما حاولت البحث عن سبب ذلك لا تجد أدنى عذر لكل هؤلاء المخرجين الجدد الذي أصبحوا يبحثون عن الشهرة و تخليّد الاسم من أول فيلم في مسيرتهم!
رغم سهولة إنتاج الفيلم السينمائي الآن وأصبح الأمر في متناول الجميع رغم ذلك لا تكاد تجد فيلم عظيم بمعنى الكلمة في السنوات الأخيرة رغم تضاعف ميزانية الافلام و تكاثر المعدات و الإمكانيات المتوفرة تحت طلب المخرج, و تعود هنا لتساؤل القديم “هل كل ما أصبح الشيء في متناول الجميع تقل قيمته!” تدوير عجلة صناعة الأفلام لا يأتي من التجربة فقط أو تطبيق ما طُبق من قبل, التجديد يأتي من ابتكار اساليب جديدة و مناقشة مواضيع مختلفة الأمر يصبح فوضوي إذا ما ذهب جميع المخرجين لتنفيذ النصوص الدارجة و المتوقع نجاحها هناك من يريد أن يصبح مخرج جيد ويكسب المال عن طريق تنفيذ أفكار مستهلكة وهناك من يبحث عن الممنوع و النادر ليبقى في ذاكرة السينما والسينمائيين أطول فترة ممكنة لقب “مخرج سينمائي” كان له هيبته في العقود الماضية متفوقاً على أهمية الكاتب الذي يكتب له أفلامه حتى ولكن مع سطوة الممثلين حالياً وهوس الجمهور برؤيتهم خلف تلك الشاشة جعل المخرج مهدد بفقد عمله في الفيلم إذا رفع صوته على الممثل! للأسف أصبح المخرج الآن يعمل مع من يدفع أكثر من شركات الإنتاج لذلك أصبحت الأفلام ذات الإنتاج المستقل فنياً أفضل من أفلام شركات الإنتاج الكبرى التي أصبحوا يتنافسون في بينهم خارج الملعب “السينما” و نسوا العمل والتنافس داخله للأسف اصالة النص السينمائي أصبحت معدومة الآن لا توجد الآن أفكار مختلفة و مبتكرة تشعر أن كل فيلم مستمد من الآخر و هذا كله يعود في وجهة نظري المتواضعة إلى الدراسة الأكاديمية للنص السينمائي التي تعتمد في مناهجها على دراسة نصوص كتاب سابقين لم يتعلموا كتابة السيناريو اصلاً!!.
السينما فن ربما يتعلم المخرج كيف يعرضه على الشاشة و لكني أرى خطأ فادح في تعليم كتابته هذا سيجعل الافلام متشابهة في القصص و الأفكار كما يحدث الآن الكتابة موهبة لا شك والكاتب لا يريدك أن تخبره كيف يكتب! يريدك أن تريه الطريق فقط عودة الأفلام العظيمة ستكون من قِبل الكُتّاب لا المخرجين فلا زال هناك سكورسيزي وكريستوفر نولان وكوينتن تارانتينو وكثير من المخرجين العظماء ولكني لا أرى نصوص سينمائية عظيمة في أفلامهم, الفيلم تطور إخراجياً الآن ولكن لكي يعود الفيلم كما كان يجب أن تتوازن الكفة, الإخراج قد ينقذ السيناريو الرديء ولكنه لن يجعل منه فيلماً عظيماً!.
بقلم: عبد العزيز العيسى
(كاتب في جريدة الرياض)
About Author
