تقارير سينمائية

مقال: بناء الفيلم السينمائي

 

قبل كل شيء. أنا فعليًا لا أجيد كتابة مقال سينمائي بطريقة تقليدية. وذلك أحد أسباب عدم استمراري مع جريدة الرياض.

لدي ثلاث اسئلة غريبة ولكنها تثبت قوتك ككاتب سيناريو ومدى تحكمك في عالمك الفيلمي. وستكون هذه الأسئلة أساس لِسرد هذا المقال.

 

أ: هل سبق وأن استيقظت من نومك وأنت على طريق سريع مخطوف من قِبل ثلاثة مجرمين؟

ب: هل ستموت بعد تركك لمغامرة أو حدث محوري في حياتك، لتعود مرة أخرى إلى روتين حياتك الممل؟

ج: (تعبير) هل حياتك منطقية بما يكفي حتى تستطيع تقسيمها لي كتالي:

“بداية – عقدة – نهاية”؟

 

في البناء الفيلمي فأنت ككاتب لهذا العالم تستطيع كسر تلك القواعد رغم كونه أمرٌ مُحرم ولكنه لن يصبح كذلك بعد معرفتك لها ورغبتك في الخروج عن المألوف.

لديك القدرة على افتتاح فيلم لرجل مخطوف في سيارة -غالبًا ما تكون سوداء- وتجعل صراع المخطوف هو محاولة الفرار. وصراع المجرمين هو إبقاء ذلك الرجل في المقعد الخلفي أطول فترة ممكنة _أنا أقول مجرمين في حال كانوا يحملون أسلحة_ فعدى ذلك لا نستطيع أن نطلق عليهم مجرمين وبما أن القمر مكتمل اليوم لن أجعلهم يحملون أسلحة. أريد أن يصبح الأمر أكثر تعقيدًا قد أستفيد منهم فيما بعد؟!

 

لنعود للرجل المخطوف. يُقال إنك ككاتب تمتلك القدرة في العودة إلى الماضي في حال كنت غريبًا وبدأت فيلمك بعملية اختطاف. من هو صاحبنا؟ ماذا يعمل؟ كيف يتحدث؟ هل من الضروري أن أجعله يتحدث؟ ربما لا ذلك سيوفر عليك الكثير من الجهد في مرحلة كتابة الحوارات.

حسنًا سنجعله أبكم ولكن ما الذي سيقوله رجل لا يتحدث حتى يُخطتف من قِبل ثلاثة أشخاص لا نعلم نواياهم بعد؟

حسنًا سأجعله يتحدث مهما كلفني ذلك من جهد ووقت. ولكن يبقى سؤال لماذا تم اختطافه قائمًا؟ في الواقع أنا في طفولتي كنت أتمنى لو أصبح كيميائي. كيميائي يملك خلطة عجيبة قادرة على شفاء المرضى مهما كان مرضهم. ولذلك السبب سأجعل صديقي يملك تلك القدرة كوني لم أقدر على فعل ذلك لنفسي سأوهب هذه القوة لطفلي الصغير. أريده أن يصبح يوسف. يوسف اسمٌ جميل هو صديقي التخيلي في الطفولة. ولكنني لا أعلم أين هو الآن. لعله ذهب إلى روح طفلٍ آخر. فإن ذلك ما يقوله زيزا.

 

يوسف واجه لحظة محورية في حياته حين ما عرض عليه رجل ثري، يملك الكثير من الخدم والمرتزقة أن يعطيه ذلك العلاج حتى يشفى تمامًا من تلك الأمراض التي تنهش لحمه ببطء. ولكن يوسف رفض تلك الملايين متمنيًا الموت لذلك البغيض. ومع وصول الخبر للرجل الثري “فيصل” حتى أوفر على نفسي كتابة -الرجل الثري- أصبح مجنونًا وصاح لمن حوله أن اجلبوا لي ذلك المجنون الذي لا يريد عشرات الملاين مقابل جرعة بسيطة من العلاج الذي صنعه. وقام بإرسال ثلاثة مجرمين (تبين في نهاية الأمر أنهم قتلة) ولهذا السبب أخبر نفسي دائمًا ألا تثق في حكمك البريء على الشخصيات الخبيثة.

 

في هذه اللحظة أنت جعلت المشاهد يعلم سبب افتتاح الفيلم في هذه السيارة السوداء وكسبت أعجابه. ولكن تبقى أمامك انقاذ فتاك المدلل. “البطل” من ذلك العجوز. حتى هذه اللحظة نحن لا نزال نكتب قصة. وهذا يثبت تمامًا أن القصة القصيرة لا تختلف كثيرًا عن مرحلة -ما قبل كتابة السيناريو- وهي حجر أساس لكل سيناريو ناجح حتى لا تقع في فخ عدم منطقية السرد وارتكاب الأخطاء السردية. يبقى السيناريو بهذه الصورة وبهذا الشكل حتى تقرر في يومًا ما كتابة أول مشهد.

 

“مشهد1 – خارجي/صباحي –وسط الطريق العام”

لقطة علوية لسيارة سوداء تسير في الطريق العام بسرعة تبدو جنونية مقارنةً بحركة السير

قطع

 

“مشهد2 – داخلي/صباحي- داخل السيارة”

يظهر يوسف متوسطًا رجلين في المقعد الخلفي في السيارة ويكون هناك وشاح أسود على وجهه حتى لا يتعرف على الخاطفين والطريق كذلك. ويبدو مستسلم تمامًا ولا يظهر أي حركة دفاع عن النفس.

قطع

“مشهد3 – داخلي/صباحي – في منزل يوسف”

يستيقظ يوسف من نومه في الصباح الباكر رغم أنه لا يملك عمل. غير ذلك المشروع الذي يعمل عليه منذ سنوات طويلة

ليظهر في الشاشة “قبل سنة واحدة”

قطع

 

خطوة تليها خطوة أخرى إلى الأمام حتى يصبح العمل جاهزًا للبحث عن منتج يؤمن بفكرتك ويراهن على نجاحها.

 

رغم صعوبة الأمر وعدم انتفاعك منه غير فيلم لا يشاهده سوى مئة شخص. تجد نفسك تكتب سيناريو آخر بعد كل فشل مؤمنًا أن يومًا ما سيشاهد فيلمك ملايين البشر ويقولون بكل فخر. “يا لهُ من مخرج عظيم” متجاهلين تمامًا ما قمت به!

وتتساءل

ما كتابة السيناريو؟*

أ) عمل

ب) شكل من الفن

ج) مرض

*من كتاب :”فن رسم الحبكة السينمائية”

 

كتابة : عبدالعزيز العيسى

About Author

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.