تقارير سينمائية

المخاطرة الأعظم على الإطلاق!

ربما نحن نعاني أحيانًا من تلك القصص التي تبدو جميلة ومثالية في مُخيلتنا

تحدثت كثيرًا عن الإخراج ولكن اليوم سيكون الحديث خاص بتلك المخاطرة أو المغامرة التي يقوم بها المخرج عند توليه مهمة إخراج نصٍ ما. نحن نعلم أن كل شيء في الحياة العلمية والفنية يعود للكاتب!

الكُتّاب هم الحجر الأساس الذي بُبنى عليه كل شيء!

إذا كان الكاتب جيد ستكون الرواية جميلة

إذا كان الكاتب جيد ستكون قصة اللعبة جميلة

إذا كان الكاتب جيد ستكون المناهج الدراسية مُفيدة ومشوقة!

إذا كان الكاتب جيد ستكون الأغنية جميلة!

هنا تكمن صعوبة عمل المخرج هو ليس بالضرورة أن يكون الكاتب ولكن هو ذلك الشخص الذي يجب عليه الدخول إلى عقل الكاتب ومعرفة وما الذي يريد إيصاله أو ما هي الفكرة التي يدور حولها الفيلم!

ربما نحن نعاني أحيانًا من تلك القصص التي تبدو جميلة ومثالية في مُخيلتنا ولكنها تبدو بشعة ومضحكة حين ما نُلقيها للناس! لماذا يحدث ذلك في رأيك؟

هل هناك شخصٌ يستطيع سردها بطريقة أفضل منك؟ نعم المخرج يستطيع!!

المخرج يا سادة هو ذلك الشخص الذي يجب عليه إخراج القصة من عقل الكاتب وتصويرها بالواقع، مجرد تحويل الحوار من مكتوب إلى منطوق هذه بحد ذاتها مهمة صعبة جدًا وقد يتطلب ذلك تغيّرات جذرية في الحوار ولن أقول لكم كم ذلك يجعل الكاتب يشعر بخيبة أمل وهنا تبدأ المشاكل الروتينية التي يعاني منها المخرجون دائمًا.

ومن وجهة نظر أخرى أرى أن المخرج يقف أمام معضلة حين يختار رواية ما ليقوم بتحويل تلك الأحرف إلى مشاهد سينمائية وتصوير فوتوغرافي، لما أسميها معضلة؟

أغلب القرّاء حين يذاع خبر إنتاج إحدى الروايات المفضلة لديهم يغمرهم الحماس، لكن سرعان ما ينطفئ عند أول عرض، لماذا؟ لأن المخرج قد لا يصل لمخيلة جميع هؤلاء القراء في تصوير أحداث الرواية، لكل قارئ مخيلته في ملامح الأشخاص والأماكن بل حتى في أصواتهم ونبرة حديثهم، أرى هذا المخرج الذي قرر اختيار رواية شهيرة شجاع جدًا!

سأقتبس هنا من حديث المخرج العظيم سيدني لوميت حين ما كتب في كتابة “كيف صنعت أفلامي” مجيبًا على سؤال كيف تسطيع معرفة هل النسخة الخام من الفيلم جيدة أم لا؟

  أنا أقرّ بصدق أنني لا أعرف!!. لو نظرت إلى النسخة الخام عقلانيًا وحاولت البقاء خارجها، يمكن أن تكون على خطأ! وإذا وافقت عليها كما هي يمكن أن تكون على خطأ! لذا لا يصح الأمر إلا مع ما أعيشه من لحظة إتخاذ القرار بصنع الفيلم أنا يمكن أن اكون على خطأ ولكن ماذا في ذلك؟ هذه هي المخاطرة. لا يخاطر النقاد أبدًا ولا يخاطر الجمهور إلا بتلك الدولارات! فأنا أحب أن أنظر للأمر بطريقة أخرى ماذا لو كنت على حق؟ عندها قد أنال فرصة صنع فيلم أخر وهذا يمنحني فرصة أن اكون على حق أو على خطأ مرة اخرى, وهذا يعني العودة إلى ممارسة أفضل مهنة في العالم كله!.

أعتقد أن السيد لوميت بعد سنوات عديدة في ممارسة هذه المهنة قد أجاب الجواب المثالي والكافي على سؤال تراوح مستوى أفلام مخرج معين مثلًا؟ لماذا يصنع فيلم جيد في 2016 ويصنع فيلم رديء في 2018؟ وتبدأ تتساءل هل هذا مؤشر على انخفاض المستوى الفني!! وقد تُلقي باللوم على الأفلام الحديثة؟ ولكن الحقيقة هي أن المخرج نفسه لا يعلم أساسًا هل قرار موافقته على تنفيذ النص صائب ام خاطئ؟

About Author

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.