تقارير سينمائية

الحياة الفيلمية وكيف يتم بناء نص الفيلم؟

داخل الفيلم السينمائي هناك حياة أخرى. حياة مليئة بالتفاصيل الجميلة، تلك التفاصيل التي تجعل لكل حدث معنى ولكل مشهد غاية. حياة يجب على الجميع معرفتها والإلمام بها لتكون مشاهدة الفيلم أكثر متعة.

سيكون رائعًا حينما تكون على معرفة بما يحدث أمامك وسيكون مخيفًا حين ما تعلم أن ذلك الحدث كان بداية الحبكة.

حينها ستعلم أن كل شيء سيصبح مختلف الآن ولن يعود الفيلم كما كان. البعض يطلق على ذلك التغيّر “النشوة” التي يصل إليها الفيلم. بل حتى بداية الفيلم!

وربما تكون هي البداية فعلًا فحين ما تؤمن أن الفيلم قصة مصورة، ستعلم أن ما حدث في البداية ليس سوى تمهيدًا لهذه المعضلة والتي يجب على البطل التعامل معها وهنا تأتي التساؤلات الدرامية التي تواجه الفيلم من مرحلة الكتابة وحتى مرحلة المونتاج.

-هل سيتمكن البطل من تحقيق اهدافه؟ ولكن قبل ذلك سنعود لنقطة أهم

-ماهي شخصية البطل؟

ما هي مخاوفها وعُقدها النفسية؟ لا بل سنعود إلى قبل كل ذلك

-ماهي قصة الفيلم ولماذا أنتج ما هو الهدف؟

-سحقًا ما هي الحبكة؟؟

لذا يجب معرفة أن داخل الفيلم السينمائي هناك حياة اخرى، حياة مختلفة تمامًاعن حياتنا البشرية وقد تكون مشابهة لها أو حتى منافية لها وكِلا الحالتين مخيفة في رأيي.

بمعنى أن السينما تمكنك من تصوير الواقع المرير وتمكنك من تدمير البديهيات الجميلة، لهذا السبب يُفضِّل البعض استخدام مصطلح الفضاء الفيلمي على ذلك العالم لجميل المدعو “الفن السينمائي” وهنا نعود إلى وجوب فصل الفيلم عن الواقع ونصل إلى حقيقة استلهام السينما من الواقع ومحاكاتها له منذ البداية!

العالم السينمائي أكثر عمقًا من ما نعتقد وأكثر من مجرد قصة تسرد في ساعة ونصف أو أكثر.

سأقوم الان بكتابة بعض المصطلحات السينمائية أو العوامل الأساسية التي يُبنى عليها الفيلم السينمائي.

في البداية يجب أن نستوعب ان السينما لم تكن أكثر من وسيلة توثيق. توثيق حقبة أو خبر أو حتى مناسبة، السرد يعتبر دخيلًا على السينما ولم يبدأ معها ولكنه أصبح الجزء الأكثر أهمية من السينما نفسها.


“تحتاج لثلاثة اشياء لصناعة فيلم جيد: السيناريو, السيناريو, السيناريو.”

ألفريد هيتشكوك

لذا حينما تسمع مخرج عظيم يقول هذه العبارة ستدرك حينها أن السينما بلا سرد لم تكن ستصمد طيلة هذه السنوات فهناك الكثير من التشابه بين البناء الفيلمي والبناء الدرامي الأدبي بداية من الحبكة: وهي بكل بساطة ترتيب للأحداث التي تتكون منها القصة والسبب الذي جعل الأمر يسوء هكذا والصراع الناتج عن هذ الفعل.

وبعد ذلك يجب تقسيم الفيلم أو “القصة” إلى ثلاث عوامل اساسية سأختصرها بقول:
“بداية – وسط – نهاية” أُفضّل حقيقةً ترتيب البناء الدرامي بهذا الشكل فحين ما ننظر للفيلم السينمائي من منظور آخر ستجد نفسك بلا وعي غير متقبل بداية الفيلم بصراع، حتى وإن غامر المخرج وفعل ذلك سيكون مجبور على العودة بالزمن وإستخدام “البريكول” وهي العودة بالزمن الفيلمي إلى ما قبل هذه الحادثة التي بدأ الفيلم بها ليعود مرة أخرى إلى نظرية “بداية وسط نهاية” وهي بداية القصة وتعني تمهيدها ووسط القصة ويُقصد بالذروة أو نشوة الفيلم ونهاية وتعني الخاتمة المنطقية لهذه البداية والعقدة.

من المستحيل ان يصمد الفيلم بدون تمهيد منطقي لما قد يحدث في عقدة الفيلم وما هو متوقع أن تكون عليه النهاية وذلك يجعل المشاهد السينمائي يتفاعل مع الفيلم أكثر حقيقةً من الجميل حين ما يتفاعل المشاهد مع الحياة الفيلمية ويبدأ بالتحري وتخيّل الأحداث التي ستكون عليها نهاية الفيلم بناءً على حياته الواقعية وطريقة تفكيره هو!!

ولكن قبل النهاية هناك ما يسمى بالتحول الدرامي الذي يبدأ مع الذروة وهي النقطة التي ذكرتها سابقًا حين ما تعلم أن حياة البطل لن تعود كما كانت وأن كل شيء سيأخذ منحنى آخر تمامًا في تلك اللحظة. ربما تكون سرقته للبنك أو قتل زوجته أو اختطاف ابنته الجميلة. نعم يا عزيزي/تي السينما عالم مُعقد ومليء بالتناقضات حتى إن لم تكن مدرك ومهتم بهذا الفن ستلاحظ ذلك وتتساءل لماذا شخصية البطل أصبحت هكذا؟

ستلاحظ أن شخصية البطل في نهاية الفيلم مختلفة تمامًا عمّا كانت عليه في البداية وهنا نعود قليلًا إلى المرحلة التي ذكرتها سابقًا مرحلة ما قبل بداية السيناريو من الأساس ما هي الشخصية التي أكتبها إن كنت صانع أو ما هي الشخصية التي أتعامل معها الآن أن كنت مشاهد؟ شخصياتنا تختلف وكل شخصية تعاني من خطبٍ ما جميعنا مُعقدين ونملك علل نفسية لا نهاية لها سننكر ذلك دائمًا ولكن النكران علة نفسية ايضًا!

وبالمناسبة ذلك هو الحال مع الشخصيات السينمائية وذلك ما يجعل الفيلم السينمائي معقد فهو محاولة بشرية لخلق حياة بشرية ليس فقط تصويرها أنما خلقها من جديد ايضًا.

أنا سعيد اليوم ولهذا السبب أكتب هذا المقال منذ ساعتين أو أكثر ولكنني لن أكون كذلك غدًا ولن أرد على رسائل محمود في حال طلب مني مقال آخر فهل أنا مختلف؟ بالطبع لا وهذا حال بطل فيلمك هو مخلوق كحالك ولكنك بشري وهو سينمائي يتغير بناءً على ما يحدث في حياته ويحاول بكل قوته التكيّف مع ما يحدث ولكن ماذا تريد من شخص قُتلت زوجته أمامه أن يصبح؟

ختامًا الفيلم السينمائي حياة يجب التعامل معها كحياة مستقلة عن الواقع والاستمتاع بها.

About Author

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.