فكر في عواقب تصرفاتك
نحن لا نستطيع القيام بشيء واحد لتصحيح ما قمنا بعمله. نظريًا، لا يمكننا تغيير الماضي. الوقت يمضي فأمس قد رحل، واليوم أنت شخص مختلف. كل ما عليك هو العيش مع أخطاء ماضيك. كل شخص لديه طريقة للتعايش مع أخطاء ماضيه. هناك من يتوه في مخدراته، وهناك من يقمع شعوره المتأنب، وهناك من يحاول المضي قدمًا. ماضي ديفيد يطارده، أو أن ديفيد هو من يطارده ليعود مع من يحبه، لكن شناعة فعلته بانتهاكه لسيد تجعله لا يقبل خياراتٍ كثيرة. لهذا هو يخطط لتصحيح خطأه بالعودة للماضي، ومعالجة الخطأ بمحوه وتغيير ما يحتاج للتغيير. لكن مع قرار كهذا هناك تداعيات قد لا يستطيع تحمل مسؤوليتها وقد ينفك اللجام الذي يمسكه ويتوه في غياهب الوقت. ماذا يغير الماضي عندما تكون قادر على انتهاك الثقة فهذه السمة حتمًا ستكون متواجدة مهما كان التغير في الماضي. رفض سيد لفكرته جعلته يُدفع لحدوده ونرى تأجج غضبه وفوضاه ببروقٍ حمرٍ ولونٌ أحمرٌ. جعل أغلال عقله تتفتح لنرى أن ما سيجعله ينهي العالم، هو حبه لهذه الفتاة، وعدم مقدرته على جعلها تحبه مرة أخرى. لديه الكثير من طائفته يروه كصانع الحب والسلام ولكن هو لا يريد اعتراف منهم، إنما يريد عكس رفض سيد له (خطتك مجرد خدعة أخرى)، وإقناعها وكل القسم بأنه يستحق الحب وأنه شخص جيد ،لكن لن ينفع كلامه فسيد مثابرة على منحه الإبادة. يعتذر ديفيد ويبرر، ويتوسل، ويتلوى بعاطفته، أمام سيد ولكن بكل هدوءٍ ولطف ترفض سيد. هو أراد الاتصال بها عاطفيًا لترى تغيره وتحوله وأنه لم يزعجهم ولكن كل ما أظهره هو مقدار تلف أفكاره. ينسل منه فهم المعنى الحقيقي للأشياء فتاريخه لم يتم تأصيل بعض المفاهيم الأساسية فيه فسوء استخدام قوته لا يفهمه جيدًا ولهذا هو يحاول محو ما فعله وإعادة خط سير حياته. احتضان نفسه بجو مبهم بوسط طائفته يمنح عقله الهدوء، من تلك الشخصيات التي تقول عنه (غبي) وهذا الشيء الوحيد المهم بإحاطته لهؤلاء.
إقرأ أيضًا: مراجعة مسلسل Legion الموسم الثالث الحلقة الأولى
من مشهد رائع لهروب كاري من غرفة الساعة، إلى التعمق بما يحدث بذاته، ولماذا نراه بهذا السلوك دائمًا. الهروب الراقص لم يكن ذلك المشهد الذي يتم تجنب ذكره فهذه الشخصية تحب الرقص ورأيناه سابقًا بالحلقة الأولى من الموسم الثاني يرقص مع ديفيد وأوليفر وليني. على شاكلة الأفلام الصامتة يهرب بخفة وفكاهة (حركات مبالغ فيها، وخدع سريعة، تصنع مشهد ممتع) من غرفة الساعة ليعلق في شباك ديفيد. نرى حدود كاري الذاتية (كما رأينا حدود كيري الذاتية في الموسم السابق) نراه يمشط شعرها ويراقصها، لطالما كان هو المسيطر ورأينا نزاعه مع كيري ففي العالم الواقعي هو المسيطر فالطبيعة المتشابكة بالشخصيتين محل عطف. افتقاره إلى براعة كيري جعله بارع ذهنيًا، و لكن بلحظة نرى ديفيد يقود الرقصة ،هذا ما جعله المسيطر على عقله. علي أن أثني على الديكور في هذا المشهد ومشهد أمال فاروق ولا أنسى أول مشهد في الحلقة السابقة. العرض يقدم شيء عظيم من ناحية اهتمامه بالديكور ولكن هناك مشكلة، (هي ليست مشكلة) ولكن أرى اهتمامهم الكبير لتصميم ديكور سنراه لعشرين ثانية فقط أمر مبالغ فيه.
ليس هناك من يشك بولاء ليني لديفيد، ولكن وصول سويتش جعلها مهمشة، نوعًا ما من قبل ديفيد، هذا يجعل عدم اليقين يقبع في ثنايا عقلها. عدم الأمان في وضعها الأن يجعلها تحدد منطقتها وتثبت وجودها. لهذا تنفذ خطة محكمة لاستجواب الكيميائي ثم خطف كاري. ليني تدخل مرحلة جديدة في عالمها الجديد (مرحلة الشك) أين يذهب ديفيد؟ وماذا سيفعل؟ هي خائفة من عودة ديفيد للماضي مع الجهاز الذي سيقوم بصنعه كاري ويغير الأمور، فهي خائفة على تغيير وجودها. رأينا طبيعة ديفيد وفرض قوته على الأخرين، لم تسلم منه حتى ليني ولهذا هي بدأت تشك. حتى الأن هي كسبت وعي وجسد بعد أن كانت مجرد وعي برأس شخص آخر، وهذا يجعلها تخطط لمستقبلها، فهي ليست كمن في الطائفة. لا أعلم كيف أن تكون ليني لديها مجال من القوة التي تستخدمها للتأثير فسمعنا صوتها يختلف، ورأينا مرة تكون قريبة ومرة بعيدة على الطاولة التي في الغابة، أيضًا كيف لها أن تجعل كنبة تُنشَأ من لا شيء (مشهد من الحلقة الأولى). أيضًا رأيت الكوب يتغير من لون أزرق إلى أحمر. أنا صراحة لا أعلم ولكن أعتقد بأن تلك العصا التي بيدها بها مجال قوة، فهذه العصا لم تفارقها منذ البداية. مشهد أنيق بنمط خيالي يليق بملكة الفطور. (عاشت الملكة)
هامش:
(الغريب) أمال فاروق حتى الأن لم يظهر بشكل كافي في هذا الموسم، ولكن سلطته حاضرة على الجميع فبمجرد النظر لمشهده بالطائرة النجمية ترى مدى نعامة عيشه وامتلاكه لشعبة (حفنة) من المسحورين بأنه المنقذ. (سأعلمك كيف تكذبين) بعد أن كان مجرد طفيلي، أصبح معلم. بما أن ديفيد يعاني من صد سيد، فقدوم سيد له وقبولها بعلاقة حميمية سيجعله يضعف، قد تنجح فكرة أمال فاروق بسبب حب ديفيد الذي لن يمحى بسهولة.
هل العودة ستجعله يعي معنى الحياة الحقيقي؟ هل سيكون رجلًا جيدًا إن لم يكن لأمال فاروق وجود بحياته الماضية؟ إجابة مختصرة من سيد بأن مهما يفعل ستبقى سماته نفسها لن تتغير مهما تغير الماضي.
“المرأة خائفة من أن يقتلها الرجال” ما زالت سيد تسلط الضوء على فعلة ديفيد والاقتباس فيه انعدام الأمن من ما يفعله الرجال بالنساء.
لم يُظهر ديفيد أي استعداد لقبول الخطأ فهو يريد تغيير الماضي ليمسح أخطاؤه ولكن خطأه سيبقى وسيستمر حتى بعد العودة بالزمن.
غَضِب لمجرد عدم دخوله لبُعد الوقت ولهذا هو بحالة غير متزنة أبدًا، سوف ينفجر بلحظةٍ ما، كما جعلته سيد يثور.
كل ما رأيناه حتى الأن من ديفيد من تلاعب بوعي الأخرين يجعل من عدم رؤيته لما فعله بسيد به خبث أو عدم معرفة ويقين بما يجول بعقله وهذا لا يعقل. مقابلة ديفيد لسيد كانت أصعب من السابق، فهو الأن معتاد على التحكم بالأخرين، فهذه عقبة أمامه فعدم مقدرته على التلاعب جعلته يخرج غضب عارم متراكم، أخذ شكل مادي، وأثر على سلامه وحبه الأزرق (المحلول الأزرق) وتحول إلى أحمر.
الدروس مازالت مستمرة والفصل العشرون كان عن العواقب.
الباراشوت! الباراشوت! مازال هناك أشياء رائعة لوضعها ضمن جمال الفيلق وكأن مسلسل Twin Peaks يتجلى لي هنا كمثل الموسم السابق الذي كان يحمل أشياء شبيهة للتوين. هذا الموسم لم يكن خالي من مشاهد شبيهة للتوين، وما أقصده هو بأن هالوي استخدم جهاز عرض أشبه بأجهزة الألعاب القديمة الون دي وهذا شبيه للتوين من حيث عدم استخدامهم لأشياء حديثة. في الحلقة الأولى شاهدنا الوردة الزرقاء وشاهدنا سويتش مقلوبة رأسًا على عقب، وهذا كله يجعلني أتذكر التوين.
أعتقد بأن هذه المرة الأخيرة التي سأتكلم بها عن موضوع سيد وديفيد.
هل جانب سيد هو أكثر أخلاقيًا من جانب ديفيد؟ هذا يعود على إن كان اعتقادنا أن الاعتداء الجنسي، هو خطيئة يمكن التغاضي عنها. حينها بإمكان ديفيد أن يعود للماضي للوقت المناسب ويتراجع عن بعض الأشياء، وهذا من شأنه أن يجعل نهاية العالم مجرد هراء. لا أريد أن أتحدث كثيرًا ولكن ألا تتذكر سيد بفعلتها بصديق أمها، وأيضًا بذلك الفتى الذي قبلها وقامت بجعله متهم بثلاث قضايا تحرش. أين العدل في استخدام قوتك للانتقام. أعتقد بأنها دومًا تبحث عن الانتقام. لهذا وشمها يقول لها (أنا أولًا) يبدو بأن النرجسية عادت الأن، بعد أن كانت وهي صغيرة تقبل المرآة نظرًا لعدم لمسها لشخص آخر.
الخلاصة: تعرض سيد للاغتصاب من قبل ديفيد، لا يعني أن سيد أفضل من ديفيد، أو أن ديفيد أكثر شرًا، ولا يعني أيضًا أن سيد أكثر سوءًا من ديفيد بفعلها (ما ذكرته سابقًا). هذه ليست الطريقة التي تعمل بها الحقيقة. ديفيد وسيد لديهم تلك العيوب التي لن ينكرها أحد فهي متجذرة وراسخة بهم. كلاهما يعانون من آلامهم، ولا يهتمون بالتركيز على تأثير تصرفاتهم بالأخرين. يتصرفون بناءً على مشاعرهم وما يبررها. وهنا نعي بأن لا وجود لمؤشر أخلاقي لديهم. يمكنك أن ترى الخير والشر في كليهما.
يعود الفيلق بسيره على الخطى، التي منهجها وأسسها في بداية الموسم الثالث. وهذا كان متسق مع تقديم المشاهد بشكل جذاب يرافق النص ويجعله يتدفق بجمال مع تلك الألوان الحاضرة، وهذا يمنح النهج والأسلوب المُلِح للاتجاه لنهاية محددة، ليس بها انعطافات أو بطء لا أهمية له يجعل من الموسم حتى الأن ذو معنًى.
About Author
