تلفازمراجعات

مراجعة مسلسل مدرسة الروابي

مدرسة الروابي... ِمثالٌ حيٌّ أرغمنا على أن نعيد النظر في صناعة الأعمال الفنية العربية..!

مدرسة الروابي… ِمثالٌ حيٌّ أرغمنا على أن نعيد النظر في صناعة الأعمال الفنية العربية..!

بعد عرض مسلسل “جن” من إنتاج نتفليكس في 13 يونيو 2019 ..  وبعد عامين وبتاريخ 12 أغسطس 2021  عُرضت أول حلقة من مسلسل نتفليكس “مدرسة الروابي للبنات” والذي أصبح حديث الساعة  بعد عرضه في المجتمع العربي بشكل عام والمجتمع الأردني بشكل خاص.

وفي هذه المراجعة سنتكلم عن العمل فنيًا واجتماعيًا لكونه ثالث عمل عربي عبر منصة نتفليكس.. وحديثنا هنا سيكون عمّا يجول في نفس المشاهدين العرب من مختلف الأعمار.

مسلسل مدرسة الروابي للبنات تم تعريفه بالإعلان الرسمي له بأنه دراما تلفزيونية عن قضايا اجتماعية. تتّحد طالبات مهمّشات في مدرسة “الروابي” للبنات لمواجهة مجموعة من المتنمّرات، فيضعن خططًا جريئة لمحاسبة كلّ واحدة من المتنمرات.

. المسلسل من إنتاج شركة نتفليكس ومن تأليف وكتابة “تيما الشوملي” و”شيرين كامل” ومن إخراج “تيما الشوملي” وهو من بطولة وجوه شابة جديدة تخوض غمار أول تجربة حقيقية لعمل درامي في رهانٍ لدخولهم عالم التمثيل عبر بوابة نتفليكس. وهم “نور الطاهر” بدور المتنمرة الكبيرة “ليان” و”جوانا عريضة” بدور “رانيا” التي تؤيد أي فعل سيء تفعله “ليان” وبطلة العمل “أندريا طايع” بدور “مريم” التي تتعرض للتنمر بأسوأ أشكاله من قبل “ليان” وصديقاتها والتي تقود لاحقًا مهمة الإنتقام المثيرة ضدهم، و”سلسبيلا” بدور”رقية” وهي الصديقة الثالثة لـ”ليان”، وذات الواحد والثلاثين عاماً “راكين سعد” بدور “نوف” الطالبة ذات الملامح الغريبة بتسريحة شعرها ومظهرها اللافت، و”يارا مصطفى” بدور “دينا” الفتاة اللطيفة الساذجة التي تكون إحدى ضحايا “ليان” وصديقاتها.

©Netflix

انعكاس العمل فنيًا.. في مرآة المجتمع

كما قال العبقري الراحل ستانلي كوبريك..

“”الفن هو إعادة تشكيل الواقع المحيط وليس خلق واقع جديد””

لكن القائمين على العمل دمروا مقولة الراحل بجدارة، كون المسلسل موجه نوعًا مل لشريحة معينة من المجتمع وليس عملًا يعكس واقع مجتمع بكّافة أصنافه، فكان جمهوره الأساسي هم المراهقون، على عكس مسلسل نتفليكس المصري “ما وراء الطبيعة” المبني على سلسلة كتب وروايات الكاتب والمؤلف المصري الراحل “أحمد خالد توفيق” والذي حقق نجاحًا عربيًا باهرًا كسب من خلاله احترامنا على هذا العمل الجميل بشكل عام.

كانت الآمال معقودة على مسلسل مدرسة الروابي بأننا سنشاهد عمل متقن يحتوي على جرعة فنية وقصة تجعلنا ننسى كارثة مسلسل “جن”، لكن القصة كانت مكررة ومستهلكة, فالمسلسل خالٍ من أيّ  إثارة ومن عنصر المفاجأة والانعطافات الفنية، نعم… الأحداث كانت متوقعة والقصة بدت لي واضحة النهاية نوعًا ما من الحلقة الأولى، وكذلك كان الأمر على صعيد الإخراج الذي تولته “تيما الشوملي” الذي بدا ضعيفًا كون هذا أول أعمالها في الإخراج وضعف الخبرة لديها، خبرتها السابقة تنحصر في عالم التمثيل وانتاج حلقات اليوتيوب والاسكتشات على الشاشات المحلية الأردنية. وبرغم ذلك بدأت العمل مع  نتفليكس لتقود دفة الإخراج على أمل أن نشاهد عمل درامي مثير لكن الأمور لم تسر على هوانا.

منذ بدء العرض تعتقد فعلًا أن العمل سوف ينقل إحدى السلوكيات السيئة لبعض فئات المجتمع بهدف التوعية… ” هذا ما صرّح به القائمون على العمل” لكن الأمر كان مجرد حركة ترويجية ولم تكن محور العمل.

–إقرأ أيضًا: إحدى معلقات الأبيض والأسود | 12 Angry Men

فكرة المسلسل جيدة، وبالرغم من أنّها مكررة، إلا أن التنفيذ كان سيئًا نوعا ما… وقد انتهى العمل بالنسبة لي اعتبارًا من الحلقة الثالثة ومن الحلقة الرابعة إلى الأخيرة أصبح تقييمي للعمل يهوي نحو الهاوية. فقد بدأت الأحداث تدخل في بعضها البعض بشكلٍ غير متناسق، فعند وصولنا إلى عقدة العمل المتوقعة ظهرت وكأنها من تأليف هواة وليس بقلم سيناريست خبرة يستطيع العبث في عقل المشاهد ويشده  للمشاهدة حتى آخر حلقة في العمل. ومع استمراري بالمشاهدة على أمل أن في عنصر”حل العقدة” يتحسن الوضع، أتت الحلقة الأخيرة لتنسف العمل بأكمله عن بكرة أبيه!!

“القصة جميلة”.. لكن طريقة تحويلها الى سيناريو بهذه الطريقة كان بمثابة إجهاض للعمل قبل عرضه، فإن كتابة الشخصيات كانت كارثية ومستنسخة بشكل واضح لا علاقة له بمسلسل درامي أردني كما عرّفوه لنا. نعم فعندما تسعى إلى كتابة عمل يوثق حدثًا معينًا أو سلوكيات مجتمع، عليك أولًا أن تحترم عقل المشاهد قبل أن تفعل أيّ شيء..  فإن تصرفات المتنمرات ضد “مريم” كان من نسيج الخيال الذي يعكس أقوال القائمين بأنه هادف ضد ” التنمر” (التعامل مع ضرب فتاة خلف الساحة بشكل وحشي حتى النزيف، ذهاب فتيات قاصرات بسن 17 إلى نوادٍ ليلة، السباحة مع رجال بالغين دون أيّ رقابة) نعم هذا النقاط الثلاثة بالرغم من أنها غير حقيقية وغير منتشرة في المجتمع فما هي إلا مجرد تقليد لأعمال غربية فقد عرضت في العمل بطريقة سيئة وذلك من خلال الدفاع عنهم عبر أظهار أن عائلاتهم يجب أن لا يتدخلوا في حياتهم وأننا في عام 2021 !!

©Netflix

شبهات فنية  

لقد كان الأداء ضعيف المستوى من أغلب طاقم التمثيل، فقد كان خالٍ من ركائز التمثيل الأساسية، بالتالي حرموا أنفسهم كم الشعور برهبة المنتمين إلى عالم الفن السابع.. السبب يقع على المنتج والمخرج في اختيار طاقم التمثيل، وتأكيد كلامي سيكون في النقاط القادمة.. 

إن التمثيل هو “أن تجعل الجمهور يذكروك من خلال شخصيتك التي رأوها” ما حدث فعلا هو عكس هذه المقولة في عدة أمور “مستفزة” فنيا منها:

أن تعتمد ممثلةً عمرها وتعابير وجهها لا تناسب فتاة مراهقة بسن 17 عام  فهذه كارثة، ما هذا إلا استغباء للمشاهد.. مثل الممثلة “راكين سعد” التي قامت بتأدية شخصية “نوف” فقد خانتها تفاصيل وجهها الواضحة، بأنها ليست مراهقة ونبرة صوتها التي كانت واضحة بأنها امرأة وليست فتاة مراهقة، وما كان من المخرج إلا أن يلعب بتفاصيل وجهها وهيئتها التي لا تنتمي إلى المجتمع الأردني، وإظهارها بطريقة غريبة قد لا تبدو مناسبةً للمشاهدين من سن   17 عام الذين قد يتساءلون “لماذا يبدو شكلها هكذا”. بالحقيقة عندما شاهدتها بالإعلان لم يخطر في بالي إلا شيء واحد هو أن تكون شخصيتها مشابهة لشخصية “إيست”ر من فيلم الرعب”orphan” وهذا ما أثار حماسي للمسلسل.. لكن كان الأمر محبطًا قليلًا. ما السبب الرئيسي في عدم تبديل “راكين سعد” بممثلة شابة تقوم بدور قريب من عمرها، أو لم يكن من الأنسب أن تأخذ “راكين سعد” دور الشقيقة الكبرى لإحدى شخصيات العمل؟! فهي ممثلة جيدة وأمامها المستقبل فقد كان أخر أعمالها في السينما المصرية مشاركتها في فيلم “العارف”مع النجم أحمد عز وأحمد فهمي بجانب كارمن بصيبص، وليس تقليل من “راكين” كممثلة بل هي نجمة سيكون لها شأن عربي يوما ما.. فأنا أراهن عليها منذ الآن.

— إقرأ أيضًا: فخ العدالة… في المساومة على القيم | مسلسل Your Honor

لذلك هل كان هناك فعلًا إعلانات مرئية لمراحل تجارب الأداء في المملكة لرؤية مواهب مدفونة لا نعلم عنها حتى الآن؟وهل تم فعلًا نشر إعلانات في ضواحي العاصمة لمقابلة جيل جديد نكتشفه ونتحدى بهم العالم؟ متى سنرتقي في التعامل مع الفن بشكل لائق ويتم توفير فرص للبنات الصاعدات في المجتمع الأردني في خوض أول تجربة لهم وندعمهم؟ أم أن الواسطة تغلغلت داخل الوسط الفني الأردني وبدأت تعبث في إجهاض المواهب الشابة لدينا قبل ولادتها؟ فإن ر”اكين سعد” مثال حي لما أقوله .

  •   من الأمور التي تجعل المشاهد يشعر بالاستهزاء هو أداء الممثلات، أداء خالي من تجسيد الشخصية المكتوبة، أداء لا يجعلك تستمتع بمشاهدته، أداء قتل الدراما في العمل، أداء خالي من الإقناع و محاكاته على أرض الواقع، لكن أن تقوم بكسر اللغة العربية واستبدالها باللغة الإنجليزية في مسلسل يتم الإعلان عنه بأنه “مسلسل أردني” لكي يتم إخفاء الأداء الضعيف “للممثلات”، هذا لن يكون مكسب احترام للمشاهد العربي والأردني بشكل خاص، (shit  ، kiss my a** ، OMG ،  bitch ، إلخ.. ) !!! جميع هذه الكلمات أستخدمت في العمل بطريقة مستفزة للمشاهد ومع ذلك القائمون على العمل يعلمون أن العمل سيكون موجه لهذه الفئة من المراهقين الذين على الأغلب لم يفهموا هذا الكلام!! “فالفكرة فاشلة فنيًا والتي تعود للسيناريست الذي كتب السيناريو وما يؤكد أنه قليل الخبرة ومبتدأ هو قيامه بتقليد أعمال غربية حتى شتائمهم التي دخلت في العمل وعرضت للمشاهد، واجتماعيا للعائلات التي ترفض أن يشاهد أبنائهم وبناتهم هذه النوعية من التقليد الغربي الأعمى.
  •  نقطة اجتماعية ،المسلسل بالطبع من إنتاج نتفليكس فمن الطبيعي أن  تجد موضوع الشذوذ الجنسي أقحم بطريقة مسمومة وليس بشكل واضح مثل فكرة الحرية الجنسية في كارثة “جن” وذلك من خلال مشهد غرفة تغيير الملابس بين “ليان” و”مري”م عندما كانت “ليان” شبه عارية من الأعلى واتهمت “مريم” بأنها تحرشت بها من خلال إمساكها لصدرها وأصبح الفتيات في المدرسة يكرهن “مريم” ولكن ليس هذا فقط.. بل طريقة عرض الأحداث بعد ذلك غبية نوعًا ما، بأن هذا الأمر منتشر بين المراهقات في سن الـ 17 عامًا.
  • النقطة الأهم أن العمل من الحلقة الأولى إلى الحلقة الأخيرة عرض بأن المجتمع  ضد تصرفات الفتيات مثل ” ليان” الفتاة القاصرة التي تذهب مع حبيبها الراشد إلى مكان بعيد ويقضون أوقات ممتعة في المسبح لوحدهم وأن الأمر طبيعي والمجتمع مخالف للطبيعة.
  • تحطيم الأدوار الثانوية: العمل من قبل الكاتب والمخرج على تحطيم فكرة الأدوار الثانوية بسابقة غريبة من نوعها.. تهميش وعدم وجود أي دور لهم بتغيير منعطف العمل، أو مشاركتهم بخيوط أحداث العمل التي ستقود الى النهاية، تشعر بأنه لم يتم كتابة شخصيات ثانوية في العمل وكأنهم ممثلين كومبارس لا أكثر!!  “عائلات الطالبات، الأصدقاء خارج المدرسة” هذا الخطأ كان كافيًا لكي يضرب سيناريو العمل في الصميم، على أمل أن لا نرى خطأ فني كارثي كهذا يتكرر مرة أخرى في الأعمال القادمة.

©Netflix

إيجابيات:

من الأمور الإيجابية في العمل كان الإنتاج، وكون الإنتاج كان من منصة عالمية كـ “نتفليكس” وبعيداً عن مضمون العمل فإن الإنتاج كان جيدًا وربما على حساب طاقم الممثلين، والترويج عبر شركة مثل نتفليكس أمرٌ كافٍ لكي يصنع ضجة تجذب المشاهدات لهذا العمل عبر منصتها العالمية التي تشمل أغلب دول العالم من الشرق والغرب، ولو كان هذا الدعم موجود لبعض المواهب من الشباب والبنات لإنتاج عمل ذو رسالة أو تحويل نص فني مكتوب أو روايات أدبية لكنا شاهدنا أعمال سننافس بها غالبا أعمال عالمية.

لقد كان طرح الفكرة والقصة بهذه الطريقة أمر سيئ جدًا والمعالجة للقصة أسوأ بكثير.. ربما كان هناك نقطة إيجابية إضافية في العمل وهي ستعود على المخرج وطاقم التمثيل فهذه كانت تجربة لهم، كسبوا من خلالها بعض الخبرة التي سوف تأهلهم إلى الأعمال القادمة في المستقبل سواء كانت التجربة ناجحة أو فاشلة بالنسبة لهم.

— إقرأ أيضًا: هاجر من لبنان ليقود أشرس عصابات برلين | مراجعة مسلسل 4 Blocks

ويبقى فيلم “ذيب” هو تذكرة الأردن العالمية الذي رشح للأوسكار ونقل المعنى الحقيقي للفن الأردني بنقله التراث العربي الأصيل بدون “تصنع، أو الخجل من الفن المحلي واللهجة المحلية، بدون تقليد أعمى للأعمال الغربية تحت مسمى الفن، بدون إفساد جيل جديد صنعتم له عمل لكي تستهدفه بعرض الأماكن الممنوعة عليه والخمر والشذوذ المسموم، والحرية بلا وعي” وأن تقوم باستخدام هذه الأمور في العمل دون إبداع كتابي أو الاستعانة بنخبة كتاب الأعمال العربية فهذا يدل على شيء واحد ألا وهو ” أنك فارغ فنياً”

 نتمنى دائما أن يكون إنتاجنا للأعمال العربية القادمة عبر أيّ منصة أن يحمل طابع “الفن، الدراما، التمثيل الحقيقي” وإذا كان لا بد أن نقوم بتقليد أيّ عمل غربي على الأقل أن يكون عمل فني حقيقي سواء كان من نص أدبي مكتوب، أو تقمص شخصيات درامية من رواية أو حكاية تجعلنا نستمتع بكم وندعمكم حتى نجد عمل يكون بمثابة ثورة فنية في الأردن.

في النهاية أظن المخرج الإنجليزي الراحل “ألفريد هيتشكوك”  لخص ما يدور في عقلي..

أذا أردت أن تصنع عمل عظيم عليك بثلاثة أمور مهمة

 “السيناريو والسيناريو ثم السيناريو” .

  IMDB :7.3 /10 🌟 

ArbWarez : 4.5/10 📌

المقال يعبّر عن رأي الكاتب ولا يعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

التقييم النهائي

الأداء العام للممثلين - 4.5
الإخراج والتصوير - 5.5
القصة والحبكة - 4

4.7

 نتمنى دائما أن يكون إنتاجنا للأعمال العربية القادمة عبر أيّ منصة أن يحمل طابع "الفن، الدراما، التمثيل الحقيقي" وإذا كان لا بد أن نقوم بتقليد أيّ عمل غربي على الأقل أن يكون عمل فني حقيقي

تقييم المستخدمون: 1.5 ( 2 أصوات)

About Author

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.