تقارير تلفزيونيةمراجعات

مراجعة بدون حرق لتحفة نيتفلكس | ‏The Haunting Of Hell House

فلاناغان و شيرلي، إبداع منقطع النظير!

في السنوات الأخيرة، ومع ما بات يشبه الثورة في مجال المسلسلات التي أصبحت تتكاثر بسرعة كبيرة جدًا لكن وبشكل مثير للاستغراب والدهشة، بجودة عالية جدًا أيضًا لدرجة أصبحت تتفوق فيها على أفضل الأفلام السينمائية في السنة، أصبحنا نشهد أيضًا نوعًا خاصًا من المسلسلات المناسبة لأولئك الذين لا يملكون الوقت الكافي لمشاهدة المسلسلات العادية، التي تتطلب التزامًا ومتابعةً يمتدان طيلة سنوات إصدار مواسمها.

‏نتحدث هنا عن المسلسلات القصيرة أو المحدودة التي لا يتجاوز عدد حلقاتها عادةً 10 حلقات كحد أقصى، والتي يواجه صُنّاعُها تحدي تقديم قصة متكاملة في ظرف زمني محدود جدًا، دون السقوط في فخ المماطلة في أحداثٍ كان يمكن اختزالها في فيلم لا تتجاوز مدته ساعتين، ودون سرعة مبالغ فيها فيما يخص تقديم وتطور الأحداث والشخصيات بشكل قد يضر بالعمل، ويحرم المشاهد من المتعة التي كان سيحظى بها لو كان المسلسل قد أُصدر على شكل عدة مواسم.

 

‏الحب هو التخلي عن المنطق ، الرغبة في التخلي عن الأنماط المعقولة ، إما أن نخضع له وإما نتصدى له ولكن لا يمكننا التآلف معه .. من دونه لا نستطيع الاستمرار في البقاء بعقلانيه تحت وطأة الواقع المُطلق.

‏مسلسلنا اليوم يندرج ضمن هذه الفئة من المسلسلات، إلّا أنّ الفرق هنا يكمن في أنّ التحدي الذي واجهه صُنّاعه لم يتمثل في عشر حلقات فقط؟ بل لماذا حصل المسلسل على كل هذا الزخم وهل استحق ذلك؟ هل كانت النتيجة مرضية أم كارثية؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.

‏بطاقة تعريفية بالمسلسل :-

 

 

 

 

 

 

 

 

‏The Haunting Of Hell House
‏المسلسل مبني على رواية تحمل نفس الأسم من كتابة شيرلي جاكسون.
‏تصنيف: دراما، رعب، تشويق
إخراج: مايك فلاناغان
عدد الحلقات: 10 حلقات
مدة الحلقة الواحدة: 50 دقيقة
شبكة العرض: Netflix
تاريخ الإصدار : 12 أكتوبر 2018 على شبكة نيتفلكس
قصة المسلسل: ‏يتحدث المسلسل عن عائلة “كراين” الذين ينتقلون إلى منزل عائلة هيل ويعيشون فيه مؤقتاً لإصلاحه وترميمه ثم بيعه وشراء منزل أحلامهم، لكن خلال تلك الفترة يضطر الأطفال الخمسة للتعايش مع أشباح هذا المنزل المتعلقة بماضيه، والمرور بأحداث ستبقى تلاحقهم حتى بعد تقدمهم في العمر.

  • ‏تلقى المسلسل إشادة كبيرة من النقاد وحصل على نسبة إقبالٍ هي 93 بالمئة من النقاد على موقع الطماطم الفاسدة بمتوسط 8.4/10.”
  • ‏وصف الكاتب الكبير ستيفن كينج المسلسل بأنه عمل يقترب من العبقرية.

 

 

 

 

 

 

 

يرتكز المسلسل على خطيين زمنيين رئيسية وهي تلك التي يتنقل التصوير بينهم خلال المسلسل، أولها الماضي ومايحدث في الحاضر،  تدمج تلك المحاور بسلاسة رهيبة حتى تتناغم لتسير كلها بشكل متوازي حتى نهاية المسلسل وهنا أيضا إبداع يضاف إلى مايك فلاناغان، ‏افتتاحية المسلسل تجعلك على يقينٍ تام بأنك على وشك مشاهدة تُحفة فنية في غاية الروعة، فالألوان والموسيقى والمشاهد والتعريف بالنص من خلال كلّ ذلك يعدّ أسلوباً باهراً لا يمكن إتقانه إلّا مخرج موهوب ومُبدع، فالمخرج مايك فلاناغان لم يكن مخرج للمسلسل فحسب، إنّه ذاك الفنّان الذي حاول في كل خطوات رسمه لهذه التحفة أن يضيف شيئًا خاصّاً يجعلك مندهش طوال المشاهدة، ظهر بصورة جمالية باهرة، فأضاف للمسلسل لوحةً تناقضية لم أكن قادراً على تفسيرها بشكلٍ واضح، لكنني أُذهلت وصُدمت حقاً جرّاء هكذا أسلوب بديع، فنحن أمام أحد أبرز الأعمال التلفزيونية، لأنه وإن اختلفت وجهات النظر المفسِّرة لما جاء به المسلسل، فنحن سنتفق حتماً حول مدى إتقان هذا المسلسل كافة الجوانب المطلوبة فنياً ، كل مشاهد هذا العمل تفسّر المرة والأخرى، لا توجد لمسة عفوية إلّا وأن تفسّر وتعطى لها العلامة الكاملة، علامة الإخراج والنص والتمثيل وكل نواحي صناعة التلفزيون الإبداعية.

‏عندما قلت إنني لم أرى شبحاً قط، هذا غير حقيقي بالضبط لقد رأيت الكثير من الأشباح ولكن ليس كما تتصورينها .. يمكن للشبح أن يكون أشياء كثيرة، ذكرى أو حلم يقظة أو سر أو حزن أو غضب أو شعور بالذنب، ولكن حسب خبرتي تكون غالبا ما نريد أن نراه

– ستيفن كراين –

 

الممثلة كيت سيغل “ثيودورا” مع زوجها مخرج المسلسل مايك فلاناغان

 

 

 

 

 

 

 

‏أداء الممثلين بالمسلسل كانت مقنعة وأكثر، بل وبكل صراحةً كانت العامل الأول لصعود المسلسل على سلم التحف التلفزيونية، فالممثلة “كيت سيغل” قدّمت أداءًا مميزًا لشخصية “ثيو” يصعب جداً ممارسة حالتها المعقدّة من كافة الجوانب، أظنّه من بين أكثر الأدوار التلفزيونية التي ستصبح في ذاكرتي للأبد، موهوبة جداً فعيش هكذا تصرفات واضطرابات وتناقضات نفسية يعدّ من بين أصعب خيارات الممثلين، لكنَّ “كيت” أثبتت نفسها خلال هذا المسلسل والذي أعتبر دورها وأداءها على حدٍ سواء الأفضل في مسيرتها القصيرة .. لدى “كيت” أدوار جميلة وتستحق المشاهدة مثل الفيلم الرائع “Hush” و الفيلم اللي اعتبره من أفضل افلام الرعب “Oculus” يذكر أن هذا خامس عمل يجمع بين الممثلة كيث سيغل وزوجها المخرج مايك فلاناغان.

 

 

 

 

 

أيضاً الممثل “اوليفير جاكسون كوهين” المؤدي لشخصية “لوك” الذي أراهن عليه شخصياً بأن يكون له شأن عظيم مستقبلاً إحساسه وحضوره بين الحين والآخر كان مميزاً بأدواره المختلفة بأساليبه المختلفة، دوره بالمسلسل كان في غاية الأهمية وإتقانه في أداء الجو الدرامي خصوصاً كان مهماً جداً لأنه وإن لاحظنا فإنَّ لوك يؤدي دور تؤام نيل والذي يكبرها بـ 90 ثانية فقط يعد تأثير حياته القديمة واضحاً على تصرفاته المحورية المسببة لهكذا اضطرابات نفسية، وأداء لوك لهذا الدور كان في المستوى الذي يتطلبه الدور وأكثر.. أداء لوك ونيل كانا وفي وجهة نظري من علامات المسلسل الفارقة والمهمة لإستكمال لوحة فلاناغان الفنية الرائعة، عمق الشخصيات هو ما يجعل هذا العرض أفضل مسلسل رعب تلفزيوني لهذا العام، فنجد أنه كلما تعرفنا أكثر على تلك الشخصيات عن قرب وما يجمعها كعائلة وما يمزقها أيضا، كلما ازداد تأثير القصة، نجد أن المخاوف هنا ليست مبتذلة فلا نجد أي من الشخصيات المرعبة بل يرتكز على فكرة أن الوصول للأشباح بمثابة مفاجأة مروعة، فهي قصة درامية رائعة تصادف أنها تدور في إطار مرعب.

سأتكلم عن بعض النقاط اللتي لاحظتها اثناء المشاهدة قد يتكللها بعض الحرق لذا يُفضل تجنبها عزيزي القارئ في حال لم تشاهد المسلسل بعد .. 

خلف الجدار

 

 

 

 

 

 

إحدى اللحظات الأخرى التي يكون فيها أفراد عائلة كراين غير واعيين لما يدور حولهم، ففي أثناء تحدث الأم مع احدى بناتها نلاحظ أن هناك شيء ما يراقبها خلف الساعة، والجميل في هذه المشاهد والتفاصيل أنها لحظية، من الممكن أن تلاحظها وأحياناً لن تلاحظها، لكن عقلك الباطن سيلاحظها بالتأكيد وسيشعرك فوراً بعدم الارتياح دون أن تدري أنت لماذا.

 

 

 

رجل الساعة

 

 

 

 

 

 

 

كان هذا الشبح يظهر كثيرا أمام ” ستيف”  في المنزل، وكان يعتقد أنه ضمن العمال الذين أتوا لإصلاح المنزل وكان يتميز بملابسه القديمة وشاربه الكبير، وقد أوضح حقيقته الأب في الحلقة الأخيرة أنه لم يوظف أحدا قط لإصلاح الساعة، في الواقع لم يلمس تلك الساعة أحد قط منذ ستينيات القرن الماضي.

 

 

 

رجل الحانة

 

 

 

 

 

 

 

خلال أحداث الموسم الأول يظهر أمام “شيرلي” شبح رجل يرتدي ملابس أنيقة ويحييها بكأس من الخمر، عادة ما تكون أشباح منزل ” آل هيل” لأشخاص قد توفوا بالفعل ولكن الأمر مختلف مع هذا الرجل، ‏كما يتضح فيما بعد فإن “شيرلي” قد التقت بهذا الرجل في إحدى الحانات أثناء حضورها مؤتمراً وأقامت علاقة جسدية معه وبالتالي فإن هذا الشبح هو تجسيد للمشاعر التي تشعر بها “شيرلي” فهو تعبير عن الاحساس بالذنب والألم من خيانتها لزوجها.

 

 

‏في النهاية لم أقم بوضع جميع الصور والأشباح الخفية التي كانت تظهر طيلة الوقت في الخلفية، تاركاً لكم متعة اكتشافهم ضمن المَشاهد، متعة اكتشاف تلك الشياطين التي خبئها المخرج بعناية ضمن التفاصيل.

منزل ” آل هيل ” ليس شخصاً عاقلاً وتكبّد وحده خفاياه الزاخرة بالظلمة في باطنها تكبّدها لمدة ١٠٠ عام وربما يتكبّدها لمدة ١٠٠ عام أخرى بداخله .. وقفت الجدران منتصبة و أجتمع الطوب موّنقاً و ثبّتت الطوابق وأُغلقت الأبواب بعقلانية وحلّ الصمت بثبات.

About Author

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. المسلسل رائع جداً -رغم ما يحتويه من مشاهد غير لائقة كنت أتمنى لو أن المراجعات العربية تذكر هذه النقطة- لكن لدي تعقيب بسيط فيما يتعلق بالسيناريو -أو ربما هو الآداء- فلا يمكن أن تنكر تلك “الوقفات المسرحية” في بعض المشاهد والتي ظهرت بشكل متكلف ومبالغ فيه جداً, ما أقصده هو مشهد “مستر دادلي” وهو يحكي قصته مع المنزل, كذلك مشهد الأرملة في الحلقة الأولى وأسلوبها الغريب في حكاية قصة زوجها, أما أسوأ المشاهد على الإطلاق هو مشهد اعتذار “ثيو” لأختها بعد قفزهما من السيارة, ياااااارررجل!!! وكأنما هي في مسرحية ممثل واحد يحاول خلق مشاعر غير موجودة ليقنع بها جمهوره, في رأيي المسلسل جميل جدا باستثناء هذه المشاهد

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.