أفلاممراجعات

فيلم ماكبث.. تراجيدية شكسبير السينمائية

مسرحية صنعت بضوابط سينمائية

“على أصوات طيور النورس وموجات البحر المرتطمة بالشاطئ الممزوجة بتعويذات سوداوية وصهيل خيول وضربات سيوف في معركة مظلمة.. هكذا كان مشهد الافتتاح للرائعة المأساوية للمخرج البولندي رومان بولانسكي.”

أن تشاهد عمل خالي من “الحبكة” الجانبية الفنية بهذا الشكل ويظهر لنا بهذا الجمال هو تحدي كبير كان لرومان بولانسكي.. لقد تجرأ رومان على كسر إحدى قواعد السينما الفنية بكتابة عمل وإخراجه بهذه الطريقة الساحرة، ربما وصفوه بالمجنون، لكن حينها جوابه أقتصر على جملة واحدة شهيرة لا تنسى “يجب على السينما أن تجعلك تنسى جلوسك في المسرح”

نعم.. لقد حدث هذا الأمر لكل من شاهد هذا العمل..

فقد مشى رومان بولانسكي على القاعدة أن العمل سيكون معتمد على شخصية “ماكبث” بشكل رئيسي.

Macbeth
© AccuSoft Inc

القصة

 Macbeth 1971 “” ماكبث هي قصيدة تراجيدية للمسرحي الإنجليزي الشهير “ويليام شكسبير” عن القائد الأسكتلندي “ماكبث” الذي جسد دوره النجم البريطاني الراحل “جون فينش” الذي يغتال ملكه وقريبه “دانكن” الذي جسد دوره الراحل “نيكولاس سيلبي” وبمساعدة وجشع زوجة “ماكبث” التي قدّم دورها ” فرانشيسكا أنيس” للجلوس على عرش اسكتلندا مكانه.

العمل من سيناريو وإخراج “رومان بولانسكي” وشاركته الكتابة “كينيث تينان”، وعرض في شهر ديسمبر عام 1971.

لماذا يجب أن تشاهده؟

العمل يجسد طبيعة الإنسان من الجانب الشرير له وكيف يمكن للجشع والطمع أن يتسبب في تسميم حياته حتى آخر نفس.. نعم، فإن هذا العمل يبين كيف يمكن للإنسان أن يزداد خضوعا لرغابته الكبيرة الممزوجة بالتشاؤم وكيف يمكن أن يتحول من شخص جيد الى إنسان يتمالكه القبح الداخلي وكيف للتدهور الأخلاقي أن يتملك قلبه من أجل الوصول إلى غاياته.. لقد استطاع “رومان بولانسكي” بتقديمها بأسلوب واقعي خالي من أيّ شائبة تعكر متعة المشاهد بها.. فربما من يشاهده سوف يشعر وكأنه هو و”ماكبث” يلتقون بعدة نقاط وكأن “بولانسكي” صنع عمل لكي يجعل المشاهد أن يرى الجانب السيئ له في الشاشة عندما يتملكه الطمع والجشع والخضوع.. وكأن العمل كان بمثابة رسالة معاتبة لمن يتملكه الجانب السيئ من شخصيته ويسمح له بالسيطرة عليه دون الاهتمام بالعواقب .

تضاريس العمل

العمل كان جميل جدًا وربما لن أوفيه حقه لكن طريقة تسلسل الأحداث وفكرة صنع عقدة العمل بهذه الطريقة كان أمر مذهل.. وأما طريقة تقديم الانعطافات الفنية في العمل كانت مكتوبة بشكل فني خالص وصولًا إلى الحل في العمل الذي كان لكل من شاهده صدمة ليست بالسهلة. نعم، النهاية كانت مفاجئة بشكل لا يصدق.

إقرأ أيضًا: إحدى معلقات الأبيض والأسود | 12 Angry Men

من “ماكبث” أشهر قادة اسكتلندا المعروف بالشجاعة ومن سلالة ملكية إلى تعاون مع زوجته لخيانة ابن عمه الملك “دانكن” بسبب لقائه بثلاثة ساحرات أخبروه أنه سيصبح الملك لإسكتلندا يوما ما. وما كان ذلك إلا بمثابة الدافع والحجة له لقتل ملكه وابن عمه الذي كان يحبه وجعله أميرًا على “غلاموس” وكان يتغنى به في قاعات الاحتفالات والغرف الملكية ويقول “ماكبث أبن عمي الشجاع”!!، إلى النهاية المفاجئة الجميلة التي ستستمتع بها عند مشاهدتها وكأنها إحدى ألحان “أينيو موريكوني” الخالدة.

الأداء الغالب

التشبيه الوحيد للأداء بالضبط “مسرحية صنعت بضوابط سينمائية” أو بالأحرى “مسرحية سينمائية” هذا الوصف الذي خطر ببالي لهذا العمل العظيم، كيف لا وقد كان الأداء بمثابة ثورة مسرحية سينمائية تخاطب البشرية بلغة واحدة وهي “الإنسان.. بين الأسود والأبيض” بين الخير والشر بين الوفاء والخيانة بين الخضوع والمقاومة بين الجشع وعزة النفس.. فقد كان أداء الممثلين أداء مسرحي يلمس شيء بداخلك وتشعر أنك تشاهد أداء ليس كباقي الأعمال السينمائية أو الدرامية ليس قريب من عالم الفن السابع الذي اعتدنا عليه، من “جون فينش” “ماكبث” الذي كان هو وجه العمل وكان أداءه مدهش بنجوميته المسرحية في ذلك الوقت،  إلى “فرانشيسكا أنيس” زوجة “ماكبث” حسناء الوجه سوداوية القلب التي استطاعت من أدائها الفني وإيماءات وجها وتعابير وجها المخيفة بأن تكون كابوس لكل رجل يلتقي بها، فهي التي خانت الثقة مع زوجها قبل أن تخون الملك “دانكن” من خلال العبث بعقله وتدمير سمعته من ” ماكبث الشجاع الى ماكبث الخائن ” والخضوع لها بدون مقاومة تحت راية السُلطة والملك بالرغم من أن الملك كان يفضلها ويحبها أكثر من كل زوجات الأمراء.

© AccuSoft Inc

إلى الراحل “نيكولاس سيلبي” “دانكن” الملك الأسكتلندي الشجاع الذي استطاع صدّ هجوم الجيوش المتحالفة من “نورماندي” و”أيرلندا” وضربهم بسيف القائد “ماكبث” الذي قتلهم عن بكرة أبيهم، “دانكن” الملك الشجاع المحب لشعبه والمفاخر بوطنيته، وبالرغم من أن دوره قصير لكنه استطاع من تجسيد الشخصية بجميع تفاصيلها الجميلة التي تجعلك تبكي عند خيانة “ماكبث” وقتله.. إلى “مارتن شو” “بانكو” أحد قادة جيوش “دانكن” وصديق “ماكبث” الذي كان معه عندما قامت الساحرات بالتكلم مع “ماكبث” والذي لم يصدق الأمر وبالرغم من أن شخصيته ثانوية وظهورها طفيف جدا لكنه كان أضافة جيدة للعمل بالرغم من عدد مشاهده القليلة.. ولكن للأسف فقد مات أبطال هذا العمل الجميل ولم يبقى منهم ألا “فرانشيسكا أنيس” و”مارتن شو ” الذي ذكرت بعض الأخبار بأنه عاد إلى مهنته الأساسية “طيّار”.. وسيد العمل المخرج البولندي “رومان بولانسكي” الذي أنهي مقالي بإحدى مقولاته الشهيرة التي عكسها في هذا العمل..

“النهايات المأساوية هي المناسبة الأكثر للناس، لأن النهايات السعيدة تجعلني أشعر بالتقيؤ”

إقرأ أيضًا: فخ العدالة… في المساومة على القيم | مسلسل Your Honor

  • في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما عرض الفيلم في مسرح ” playboy” في مدينة نيويورك في تاريخ 20 ديسمبر 1971، لم تكن إيرادات الفيلم جيدة، وتحسر “بولانسكي” حينها نظرا لموعد إصدار الفيلم في ذلك الشهر وبرأيه أن الموعد لم يكن مناسبًا لإصدار الفيلم وشبه “بولانسكي” ما حدث معه بأنه “انتحار سينمائي”
  • عرض الفيلم في “لندن” عام 1972 وعرض في مهرجان “كان” السينمائي بذات العام لكنه لم يدخل في المنافسة الرئيسية.
  • حُفظ الفيلم في قسم كلاسيكيات التابع لمهرجان البندقية عام 2014.
  • كتب الناقد السينمائي “دوغلاس برود” عن نهاية الفيلم “أن العمل يعكس تشاؤم “بولانسكي” في تناقضه مع تفاؤل “ويليام شكسبير”” وأن “بولانسكي” وضع مشاعره الشخصية في النهاية عكس ما فعله “شكسبير” بعدم وضع مشاعره الخاصة في النهاية.
  • تحسنت أراء النقاد من الجيل إلى جيل وبمرور الوقت حيث صرح المخرج والروائي “جون سايلز” في عام 2007 “أعتقد أنه مثال رائع في صناعة الأفلام“. الروائي “مارتن أميس” عام 2013 “أعتقد حقًّا أن الفيلم خالي من أي نقاط ضعف”. في دليل الأفلام لعام 2014 أعطى الناقد” ليوناردو مالتين” الفيلم 3 نجوم ونصف من أصل خمسة واصفًا للفيلم بأنه ملفت للنظر وعنيف للغاية.
  • فاز “رومان بولانسكي” بجائزة المجلس الوطني لمراجعة الأفلام لأفضل فيلم عام 1972.
  • فاز الفيلم بجائزة البافتا لأفضل تصميم ملابس للمصمم “أنتوني مندليسون” عام 1973.

فيلم ماكبث
© AccuSoft Inc

⭐ IMDB: 7.4\ 10

🍅Rotten Tomatoes: 86%

🔰Fandango: 73% 

✅ArbWarez : 8.7/10 

🔴شاهد أفضل الأفلام الكلاسيكية🔴

المقال يعبّر عن رأي الكاتب ولا يعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

التقييم النهائي

الأداء العام للممثلين - 8.5
الاخراج والتصوير - 9
القصة والحبكة - 8.5

8.7

التشبيه الوحيد للأداء بالضبط "مسرحية صنعت بضوابط سينمائية" أو بالأحرى "مسرحية سينمائية" هذا الوصف الذي خطر ببالي لهذا العمل العظيم

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

About Author

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.