أفلاممراجعات

مراجعة لسلسلة Lord of The Rings “ملك الخواتم”

بقلم: نواف النميس

تنويه: المراجعة تحوي على حرق لأحداث السلسلة

مُحتوى الروايات يختلف من رواية لأُخرى من ناحية التجسيد السينمائي. فكما نعرف هُناك أفلام تفوّقت على الرواية وهُناك أفلام فشلت في الوصول لقيمة الرواية الفعلية. لذلك اختيار المُخرج وتنفيذه يكون نِصف نجاح الفلم بعد اختيار الرِواية المُناسِبة.

منذ أول جُزء في السلسلة كانت الأحداث مرسومة داخل إطار مُعيّن يتّسم بالنمطيّة، النمطيّة في استعراض عالم “سيد الخواتم” من خِلال مُغامرة لهدف واحد تستدعي شخصيات مُتعددة والمُبهر أن جميعها تسير في خط زمني واحد وفي خطوط أحداث مُختلفة قام الكاتب بجعلها عوامل ونِقاط قوّة للسلسلة وجعل ترابط الشخصيات من أبرز الجُزئيات التي اجاد التعامُل معها.

 

العالم الخيالي يحتاج رمزيّات واضِحة لكي يُتقَن بالشكل الصحيح، في عالم سيد الخواتم الخيال كان مُتماسك وتم بناء مركز القصّة الأساسي بأكمله عليه، كيف اقنعنا؟ أنا شخصيًا من اشد الكارهين لمسألة صِراع الخير والشر لهذا قد تروني استنقص من “مارڤل” ذهابًا وإيابًا. لكن حينما انتهيت من الثُلاثية سألت نفسي، لماذا أبهرتني بينما أيّ قصّة مبنية على الخير والشر لم تحصل على إستحساني؟أثناء حُصولي على إجابة بادرت في ذهني مُلاحظة، ما يجعل الخيال في عالم سيد الخواتم مُتقن مُتماسك هو الواقعية في كتابة الخيال في المقام الأول! كُل مانتج عن خيال كاتب رأيناه يُرسم داخل صورة تُجسّد الواقع بشتّى حالاته وتغيّراته واثره على أي مخلوق إنسان كان أم اوركس. إختصارًا القصّة كُتِبت بِعناية و واقعية بحتة ولكن الصورة الشامِلة والعوامل الجانبية لها هي ما جعلت منه خيالًا ملحميًا عائِد للقُدرة التجسيدية المِثالية للكاتب.
كِتابة الرواية بتصويب مضمونها على الصح والخطأ كانت الخُطوة الأكثر عبقرية، كان واضحً لنا أين الخير والشر منذ بداية الثُلاثية كان تمييز موضع الصح من الخطأ سهل جدًا وبديهي لأي مُشاهد، لذا كيف يُعقل أن يصنع أحداث ملحمية مُتّصلة بالمُشاهد بجميع احاسيسه وقُدرته الإدراكية وهو قد أجاب عن كُل التساؤلات مُسبقًا؟ كيف يُعقل أن يُجيب عن جميع التساؤلات الرئيسية ويظل يحتفظ بالعامل الذي جعل من السلسلة ملحمية ومُثيرة لأهتمام كُل مُشاهد لها؟ وحتى العدو كان هدفه واضح!! هُنا تظهر عبقرية تحويل الرواية الى نص سينمائي بتنفيذ اعطى الرِواية ماتستحق من قيمة فنّية في انسب موضع لها في الفن السابع بحيث أن القصة بجميع جوانبها كانت خالية من أي تساؤلات قد تُثير الإهتمام بأُسلوب عادي واعتمدت الكتابة على سرد القصة بوضوح شامل ومع ذلك أبهرتنا وأبكتنا وأغضبتنا وعشنا معها أجمل اللحظات.

 

إقرأ أيضًا: مراجعة الموسم الثالث من مسلسل Stranger Things

 

الأعمال المصنوعة من رواية حينما تقع في فخ التنفيذ السيء، تفقد بريقها تسقُط قيمتها. من أهم العوامل التي جعلتنا نرى ثُلاثية سيد الخواتم بهذا الكمال هو التنفيذ المُناسب، أولًا على الصعيد الإنتاجي رأينا ضخامة وحجم الإنتاج المُرعب من خِلال المعارك، تصميم المخلوقات الخاصّة بالعالم، خلق بيئة عمل السائِدة تتجانس مع جميع التفاصيل النصّية. الإنتاج كان قطرة من مُحيط العوامل الناجحة التي كمّلت بعضها البعض فكما نرى الإخراج المُتقن كيف تجانس مع الإنتاج الضخم، نرى دائِمًا ان الكاميرة في المشاهد المُرعبة الحاسِمة تأتي بزاويتها من الأسفل لكي تُعطي المشهد طبيعته الذي يجب ان نعيشها كمُشاهدين وهذا تمامًا ماحدث.
المعارك كانت دومًا بِطابع ملحمي يُحافظ على إدراك المُشاهد بجميع حواسّه على شخصياته المُفضّلة تُضحي تُواجة الموت والشر الخالص. في اول معركة والتي كانت حِصار هلمز ديب رأينا معركة دامية ملحمية، رأينا احلام تتبدد قد قتلها اليأس ليستفيد اخيرًا الكاتب من شخصيّة غاندالف بإنقاذ المعركة بحركة نصّية غاية في العبقرية والربط الاكثر من رائِع وهذا ماميّز حِصار هلمز ديب على الرُغم من جميع الإشارات التي كانت تُشير الى خسارة فادِحة ومُميتة ليس للخير فحسب بل لكُل مُشاهد من خلف الشاشة الا ان تم إنقاذها باللحظة الأخيرة وجميع ماحصل في المعركة لم يكُن الا بداية فصل جديد بالنسبة لساورون الذي يجري في دمّه الشر الخالِص المُرعب والذي من شأنه ان يُثير الريبة والتساؤل لكُل مُشاهد حول من ستكون الشخصية الراحِلة القادِمة.
فيلم (عودة الملك) كان قطعة الأُحجية الكُبرى الأخيرة كان مسك الخِتام كان الوداع الذي يليق بالحكاية الأسطورية. بداية مع اهم خط أحداث فرودو وسام بعيدًا عن جميع خطوط الأحداث فرودو وسام كانوا أصحاب الأهمّية الكُبرى للقصّة، رحلتهم لموردور كانت اشبه بالجحيم اليومي. لقد ذكرت سابقًا بأن الإنسان من دون أدنى إدراك قد ينسلخ عن ذاته الحقيقية وهويته بِمُجرّد إمتلاك السُلطة، لان السُلطة حينما يمتلكها إنسان تِلقائيًا سيرغب بها مهمًا كانت نواياه. واحد من أعظم المشاهد على مرّ التاريخ فرودو بعد مُعاناة وألم نفسي بالغ وجسدي ايضًا يصِل لهدفه في جبل موردور لكي يقوم بإتلاف الخاتم، ولكن فجأة خارجًا عن الوعي قامت بزيارته أفكار وتساؤلات حول إن كان فُقدان السُلطة المُطلقة بعد إمتلاكها فكرة جيّدة ام لا، مُجرّد التفكير لبرهة بهذه الأفكار العابِرة كانت كافية لجعله ينسى جميع ماتكلّف به وماعرّض به من خطر للوصول إلى هُنا في المقام الأول. فكرة المشهد كان تجسيد لبداية الحِكاية والقصة والأحداث هذي كُلها، كُل هذا الذي نراه في الثُلاثية ماكان الا نتيجة طمع وحُب سيطرة باغتت بطل لِتُحوّله الى وحش أعمته الملذّات، المشهد بقدر ماكان ملحمي اول ماتبادر الى مشاعري هو الخوف، الخوف تملّكني بتكرار فصل جحيم آخر على البشرية بهدم جميع التضحيات والجهود الروحية مرة أُخرى. كان من أعظم مشاهد السلسلة بسبب الربط المُخيف والعظيم وجعل طابع المشهد غاية في الملحمية.حين تتداعى الأيام والسنين على ذاكرتنا وننسى تدريجيًا وتتراكم علينا الأعمال وننسى كُل فلم او مسلسل او ايً كان ما الذي يُبقي قيمته العاطِفية صامِدة امام إختبار الزمن؟ هو الخِتام، دائمًا النِهاية هي التي تدفعك مهمًا كان الفلم او المسلسل ومهمًا كان ممتاز جيد سيء، النهاية العظيمة دائِمًا تحمل العواطف وتُخرج جميع أحاسيسك التي خرجت أثناء رحلتك مع هذا العمل. انا شخصيًا منذ اول رؤية لفرودو الى غاندالف الى اروغان الى ثيودن والمشاعر التي بين المُشاهد والشخصية الرئيسية تتكاثف بالنسبة لي وتترسخ اكثر فأكثر.

إن كان هُنالك مبدئ قد كُسر وإطار قد خرجت عنه نهاية سيد الخواتم فستكون النهاية السعيدة بالرغم من جميع المشاعر التي خنقتني بُكاءً في آخر نصف ساعة من آخر فلم وبالرغم من كُل لحظة أخرجت غضبي وحماسي من أقصاه في جميع المعارك والمُساندات خِلالها وطابعها المُدجج ليهدف إلى التحكُّم المُطلق بالمُشاهد الا وعلى غير العادة النهاية السعيدة كانت عظيمة. القُدرة على خلق خِتام للحِكاية الملحمية الخيالية الأسطورية نهاية تليق بمُستوى عظمتها على جميع الأصعدة وليس فقط هذا بل ويجعلها سعيدة ايضًا هُنا يتم إستحقاق تعظيم السلام لكُل من عمل واجتهد ليجعلنا نعيش ونخوض رِحلة خيالية واسِعة الآفاق ومُتجددة الإبتكارية الإبداعية بِجدارة. شكرًا لتواجد هذه الثُلاثية شكرًا لكُل لحظة عِشتها وخُضت خِلالها بِرفقتها. وتصحيحًا لخطئي مكانها الصحيح ليس بالفن السابع بل في تِلك المتاحف التي تُخلّد القِطع الفنّية التاريخية التي مهمًا مر عليها من زمن الا ان قيمتها الفنّية الإستثنائية صامِدة.

 

عالم سيد الخواتم واسع لأكثر من ستة أفلام، لذا برأيي صُنع مُسلسل سيكون شامل للرواية وللعالم أكثر نظرًا لعدد حلقات الموسم المُعلن عنها. وفي نفس الوقت أخذني الإستغراب طيلة هذه المُدّة لما لا يوجد من ينتهز فُرصة مضمونة النجاح ويأخذ الرواية ويصنع منها مسلسل ضخم ويكتسح الجوائز بكُل أريحية. بالرغم من انني مُقتنع أن لا أحد سيُجسّد الرواية بِكمال مثل بيتر جاكسون لكن بكُل أمانة أمازون لديها قُدرة مادّية ضخمة و بالإمكان ان يتوسّعوا ويسترخوا بالأحداث بما أن لديهم الفُرصة وهذا ما يبعث الأمل لكُل عاشق لهذا العالم وأنا من ضمنهم ولكن الخوف لا زال يُخالط المشاعر، بتساؤلات حول إن كان المُسلسل سيتفوق على الأفلام بنقل الرواية بشكل أكثر تفصيلًا وإبداعًا؟ أم أنه مُجرّد مُحاولة فاشلة والعالم من إختصاص بيتر جاكسون فقط؟

بقلم: نواف النميس

About Author

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.