مراجعة بدون حرق لمسلسل The Boys
امتلأت السينما العالمية بأفلام السوبر هيرو العادلين الأخيار، لكن مع أمازون فنحن نقترب لواقعية السوبر هيرو والأحداث بشكل أكبر. عادةً لا أحب أن أكتب قصة المسلسل في المراجعة ولكن سألخصها لكم (يفقد هيو كامبل في حادثة غريبة حبيبته، حادث غير عادي، حادث حول حبيبته لأشلاء “أشلاء ليست كلمة دقيقة بالمعنى” فهو قد حولها لمجرد دماء مصبوغة على الأرض وفتات لحم مع العظام المتهشم، قد تتناسب كلمة رميم مع جثتها فهو حولها لرميم. تُرك على قارعة الطريق مكبوت بكرهه وغضبه، ومع توالي الأحداث يجد فرصة للانتقام فينتهزها وتبدأ رحلة الانتقام) تخيل عالمًا فيه الأبطال يمكن أن يكونوا مجرد أشرار، ليس لسبب معين أو خطة معينة، ولكن هم ببساطة يتميزون بنفس الصفات والشوائب التي يتمتع بها الأشخاص العاديون من غضب وجشع وغرور. عرض المسلسل بشكل عميق ومتعدد الطبقات وبكل جدية في رسالته، ومأساة الأحداث المترتبة التي وضحت الجانب السيء والجيد لمتعة الخارقين وأن ليس هناك قوانين أخلاقية تنص على أن كل حياة مهمة ولا يمكنك أن تقتل أي حياة لأي سبب، أيضًا تم إظهار كيف أن الناس بسهولة يقادون بشكل أعمى بإعلانات وعالم يسوده الاستهلاك الكلي، الذي يكسبه الأخرون دون أي تعب وجهد، كل ما عليك فعله هو أن تقوم بالتلاعب وتضليل عقول الناس وأوهمهم وأستبدل أفكارهم بفرض الأمور الدينية الزائفة عليهم فالوهم يجعل الشخص لا يعي التلاعب به.
“السلطة بإمكانها أن تفسد الشخص، والقوة أيضًا” أذكر هذه المقولة وهي ما وصفت بها المسلسل السياسي الرائع Boss وها أنا أراها تتشكل هنا في مسلسل سوبر هيرو، لم أتخيل هذا أبدًا. الإنسان بطبيعته كائن متناقض، فهو قادر على أعمال تستحق الإعجاب، وأيضًا قادر على فعل نقيضها أعمال فظيعة قد تود نسيانها. نعلم أن كل شخص مختلف وإن أخذنا شخصًا مميزًا (بكلام ملايين من الناس) فسنرى أن لب ذاته به عيوب فهو لم يكن يومًا معصوم من الخطأ فهذا جزء من الطبيعة البشرية. كل هذا يجعلنا نتساءَل إذا كان كل شخص لديه عيوب وأفعال مشكوك فيها فكيف نتعرف على حقيقة طبيعة ذوات الذين نعتبرهم رسل (خارقين)؟ كيف نعرف حقيقة شخص لا يعرف الألم والخوف؟
يتم الإجابة على السؤال من وجهة نظر شخصياتنا المظلمة، الساخرة، الدامية، القاسية والغير مبنية بشكل طبيعي. مدى جشع المجتمع في التحكم وشروره، كان المسلسل يتحدث عن نقد البطل الخارق، كنوع، وكفكرة، وكجزء من البشر والاقتصاد. تشاهدهم مجتمعين يصرخون بجسد فارغ فهم أشبه بالزومبي الحي ففكرة أن الأبطال هم رسل الرب مجرد فكرة مجنونة ولكن مع بعض التلميع تجعل من هذه الفكرة مطلقة لكثير من الأشخاص فعقولهم أشبه بتلك العقول المغسولة فالإيمان يجعل رغبتهم بملاحظة الأشياء البسيطة الواضحة لا تدخل في تلك الاحتمالية المطلقة، وهذا ما يجعلنا نعود لتلك الإعلانات فهي ما جعلتهم يؤمنون فهذا كله يعود لاحترافية المعلنين لجعلهم يصدقون الخرافة. هنا إشارة إلى الحياة الواقعية بشكل مثير، وتجعل المشاهد يفكر فيما يؤثر عليه في الحياة العصرية اليوم فمن يتحكم بالعالم هي ثلاث أشياء: الدين والتلفاز والإعلانات أو الوسائل الاجتماعية. كان لهذا الشيء نصيب لأجزاء بالمسلسل وتحريك القصة ولكنه ليس بالشيء الأساسي. من نهتم لهم هم أشخاص يعارضون كل الهراء الذي ذكرته، تحقيق أهدافهم في تعرية غلاف الحقيقة وإظهار الأبطال على ما هي حقيقتهم والانتقام منهم (نرى حياة الخارقين خلف الكواليس، نرى حقيقتهم الحقة بصورة أكثر دقة). الأساس هو الرغبة في الانتقام وهذا ما جعل هناك تعمق بذواتهم ذات الطبيعة البشرية، وهو ما يجعلنا نصل لذلك السؤال ماذا يمكن أن يكون أقوى وأكثر إثارة بصنع إطار درامي بالرغبة بالانتقام؟ هذا ما يجعل الأمور تبدأ بشكل بسيط بالقصة والأحداث وحول تصرف الشخصيات ويجعل الأمور تبدأ بوضوح وبدون تلك الالتواءات الغير ضرورية والتي تصنع تعقيد بالقصة منذ البداية، أيضًا هذا ما يصنع رسالة دلالية للقصة وجعلها متعددة الجوانب، مما يعطيك أسباب للتوقع والتفكير وإدراك أشياء مهمة. بإمكان أن تقوم بإسقاط ما يحدث في المسلسل على الواقع فقديمًا كان لدينا قصص أبطال كمثل هرقل وهذا الشيء يلهم الناس بالغدو أبطالًا أقوياء وأكثر كدحًا. وجودهم في المسلسل كان عن إلهام الناس كي يتواجد الأمل لديهم والسماح للوهم بمساعدتهم للهروب من الواقع القاسي اليائس (وكأني في هذا المسلسل أشاهد أنمي أكاديمية الأبطال ولكن الأبطال هم تلك المنظمة ينقذون ولكنهم مجرد أشرار بذواتهم) ليس هم من صنعوا أنفسهم ولكن الشركة عملت لتصنع لهم أسماءَهم فكل ما يفعلوه بأوامر من الشركة فعملهم ليس بطولي بل ربحي ولكن العقول لا تعقِل. في العادة مع كل أبطال تجد شخص لا يكون بطل فعلي، ولكن هنا نشاهد العكس فهم ليسوا أبطالًا فنجد أن هناك شخصية تكون بطلة حقيقية معهم ولا تهتم لما يهتمون به، ولا ترضى بقتل أي شخص، وهناك تضارب بما تريده حقًا وبما تفعله وهذا ما يجعل هناك استجابة وعواقب تقوم بتأكيدها الشخصيات لتكون نقطة مرجعية لهم. تم تطوير القصة بشكل يناسب كل شخصية فهم يستخدمون أي شيء ليجعلهم ينسون الرغبة بحماية أنفسهم من الاعتماد العاطفي على شخص آخر، قد لا تحبهم ولا تعجب بهم ولكن ستؤمن بهم وتؤمن بأفعالهم ودوافعهم وشوائبهم، فسترى الصراع بين ما هو قيم وعزيز لهم والذي يعتمدون عليه بطريقة ما لأنه يمس شيئًا بدواخلهم.
- إقرأ أيضًا: Rescue Me كوميديا سوداء وسط نيران مشتعلة
هناك مشاهد كثيرة صعبة وحزينة ولكن لا تعتقد أن الاستمرار في المشاهدة ستجعلك تكتئب فالرحلة ممتعة ومليئة بالحركة والفكاهة فهي رحلة مليئة بالإثارة، فالحوارات كانت ممتازة والتطور في فروع القصة مثير والذي حدث دون تراجع سردي غير ضروري. عمل الكاميرا كان مميز مع تأثيرات جدًا ممتازة صنعت جو مقزز وخاص للمسلسل، فالكثير من العنف والقسوة تم اظهارها بشكل مميز وفي الوقت نفسه حافظ على ذلك المحتوى الواقعي، أما عن الموسيقى فلم أكن أتطلع لها ولكن فاجأتني بجمالها فالمسلسل أهتم بالموسيقى كاهتمامه لكل شيء آخر ووضع تلك الموسيقى القديمة شيء مناسب، أما الإخراج كان جيدًا فبإمكانك رؤية التوازن بين تطور الأحداث والحركة والزخم الغاضب. حمل المسلسل شخصيات كثيرة رائعة شرسة غامضة ومنهم من كان مجرد حثالة لا نهتم له ولكن له تأثيره على الشخصيات الأخرى وتغيرها (العميق) وهناك من كان موجود لمجرد الوجود لا أكثر (بلاك نوار) المهم لم يكونوا مجرد مهرجين بلبس ضيق ولكنها شخصيات براقة ولها طابعها الخاص ورائعة ستشعر معهم بمشاعر مختلطة من كره وحب. هوملاندر كان تمثيل الممثل (Antony Starr الذي نعرفه من مسلسل Banshee) ممتاز بالتنقل من محبوب الملايين، إلى شخصية مختلة عقليًا ومهووسة التي تمتلك أوهام العظمة وساخرة بتلك الابتسامة البغيضة التي تستحق الثناء. صحيح بأنها شخصية قذرة لكنها تتمسك بصفاتها الشريرة ببراعة. وأيضًا ذو اللحية واللهجة البريطانية الساحرة جعلنا نقع في حبه من المشهد الأول، بوتشر كان رائعًا و التناغم بينه وبين هيوي صنع رحلة ممتعة فهيوي من استفاد من معرفة بوتشر وصنع لنفسه أحداث تنضج بها شخصيته وتكبر ثقته في الوصول للأهداف بمهمته الخاصة.
عرض مسلسل The Boys على شبكة Amazon Prime ومن صنع Eric Kripke, Evan Goldberg, Seth Rogen وحصل على تقييم 82% من موقع الطماطم الفاسدة، وعلى تقييم 9.0 على موقع IMDb.
اِقرأ أيضًا:
- مراجعة مسلسل Legion الموسم الثالث الحلقة السادسة.
- مسلسلات شهر أغسطس (آب)
- قصة قصيرة : الليلة 365
- Rescue Me كوميديا سوداء وسط نيران مشتعلة
- مراجعة مسلسل Legion الموسم الثالث الحلقة الخامسة.
About Author
