أدبقصص قصيرة

قصة قصيرة : الليلة 365

كتابة: ثامر المعتاد

تدقيق لغوي: وفاء الحربي

 

صباح الأحد. تفتح أمي باب الغرفة، بعد أن طرقته ولم تجد إجابة، لتخبرني أن وقت إجازتي التي قدمتها بلا راتب قد انتهى، وأن عليّ الذهاب للعمل. عند الباب تنتظر الإجابة، لا أرد، أظل صامتاً، أنظر إلى الحائط.

الزمن: الليلة 365
يفتح أخي باب الغرفة صباح الإثنين، يقترب من السرير ويجلس بجانبي، ينظر إليّ كمن يخشى خبراً مهماً وينتظره، يطول انتظاره، ثم يهم بالخروج. لا أرد، أظل صامتاً، أنظر إلى الحائط، هناك إلى وسطه.

الزمن: الليلة 365
يفتح والدي باب الغرفة ليلة الإثنين، يجلس بجانبي دون أن ينطق بكلمة كأنه يريد مني الإحساس بأني لم أعد وحدي، يقول بأن كل شيء يبدأ صغيراً إلا الحزن يبدأ كبيراً ثم يصغر. والدي الذي كان دوماً يردد بيتاً للشاعر كريم العراقي ( لا تشكو للناس جرحاً أنت صاحبه – لا يؤلم الجرح إلا من به ألم) ، قبلني على رأسي وخرج. لا أرد، أظل صامتاً، يخرج والدي لأبكي، أنظر إلى الحائط، هناك إلى وسطه، إلى الإطار المعلق وأبكي بشدة.

الزمن: الليلة 365
تفتح أختي الكبرى باب الغرفة، تنادي بصوت مبتهج: انظر من معي. لا أرد. أظلّ متسمراً أنظر إلى الإطار المعلق على الحائط، هناك في وسطه، تتقدم أختي لتقف بيني وبين الإطار المعلق، أمامها ابنتها الوحيدة لين. تجلس الطفلة بجواري على يساري، يختفي الصوت المبتهج من حنجرة أختي، تجلس على يساري لتقول بصوت يخالجه البكاء: لا يشعر بما بك سواي، لا شيء يعادل ما أنت به. لتحزن لتصرخ لتقل ما تشعر به، لا يمكنك أن تتعرض على القضاء والقدر، لكن يا حبيبي تأكد بأن هذا الوقت سيمضي، لا يقف الزمن على أحد.

أٌقف وعيني تغرق بالدموع. أتجه إلى الإطار المعلق على الحائط، هناك في وسطه، أنظر إلى لين الصغيرة ذات ال 365 يوماً، أرد على أختي مخاطباً صغيرتي الراحلة: لا يعلمون يا صغيرتي أن الزمن توقف في يوم ميلادك، في يوم فقدك، في الليلة 365.

About Author

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.