أدبمقالات أدبية

مقالة : كل ما تريد معرفته عن الكتابة بنجاح في عشر دقائق

كتابة : Stephen King

ترجمة : مجيد الألمعي

 

هذا صحيح! أنا أعلم أن ذلك يبدو وكأنه إعلان من مدرسة رخيصة لتعليم الكتابة، لكنني حقًا سأخبركم كل شيء تحتاجونه ليصبح لديكم مهنة ناجحة ومجزية في الكتابة، وسأفعلها في عشر دقائق. وهو بالضبط الوقت الذي استغرقني لتعلم ذلك. سوف يأخذ منكم قراءة هذا المقال حوالي عشرين دقيقة لأنني أولًا يجب أن اخبركم بقصة ثم سأكتب مقدمة أخرى ولكن القصة لن تحسب في العشر دقائق.

عندما كنت طالبًا في السنة الثانية من المرحلة الثانوية، فعلت شيئًا أحمقًا كعادة أيّ طالب في المرحلة الثانوية لكن تلك الحماقة وضعتني في مأزق شديد.

كتبت ونشرت صحيفة هجائية تدعى “قرية التقيؤ” في هذه الصحيفة هجوت العديد من المدرسين في مدرستي الثانوية، ولم يكن هجاءً ناعمًا بل كان حادًا جدًا.

بالنهاية  نسخة من هذه الصحيفة وجدت طريقها إلى يدِ أحد المدرسين. وبما أنني لم أكن حكيمًا بما فيه الكفاية ووضعت اسمي الحقيقي على هذه الصحيفة (غلطة يقول عنها بعض النقاد أنني لم أشفَ منها بعد). استدعيت بعدها الى مكتب المدير، عندها انكشفت الحقيقة عندما علم أن الذي كتب هذا الهجاء اللاذع لبعض المدرسين ما هو إلا مراهق في الرابعة عشر من عمره، يرتجف في مكتب المدير ويتساءل هل سيتعرض للإيقاف أم لا؟

لم اتعرض للإيقاف، ولكنني أجبرت على تقديم العديد من الاعتذارات. لقد كانت عقوبة خفيفة ولكنها كانت أشبه بقذارة كلب في فمي، ثم امضيت أسبوع كامل في غرفة الاحتجاز. بعد ذلك وجهني المستشار إلى ما كان يظن أنه الأفضل لاستغلال موهبتي في الكتابة. لقد كانت وظيفة عند محرر قسم الرياضة في جريدة “ليزبون”، اثني عشر صفحة أسبوعيًا تُنشر، من النوع الذي يفهمه أي شخص يعيش في بلدة صغيرة. ذلك المحرر هو الذي علمني كل ما أعرفه عن الكتابة في عشر دقائق. كان اسمه “جون غولد”.

اخبرني أنه يحتاج إلى كاتب في الرياضة، فأخبرته أنني اعرف عن الرياضيات المتقدمة أكثر مما اعرف عن الرياضة. فهز رأسه وقال “سوف تتعلم”

 

غولد اعطاني دورًا كبيرًا في الصفحات الصفراء ووعدني براتب يقدر بنصف سنت للكلمة الواحدة. أول مقالتين كتبتها كانت عن كرة السلة في مدرستي الثانوية حيث كسر أحد أعضاء الفريق الرقم القياسي لبلدة |ليزبون| في الأهداف. وكانت المقالة الأولى إخبارية مباشرة والثانية كانت مقالة خاصة.

احضرت المقالتين مباشرةً بعد المباراة. قرأ المقالة الأولى وقام بتعديلين بسيطين ثم ثبتها. بعد ذلك بدأ بقراءة المقالة الثانية وكان معه قلم أسود كبير عندها علمني كل ما احتاج إلى معرفته عن هذه المهنة. أتمنى لو أن هذه المقالة لا زالت معي، إنها تستحق أن توضع في إطار وتحفظ.

عندما انتهى “غولد” من التدقيق في المقالة الثانية رفع رأسه ونظر إلى وجهي، لا بد أنه ظن أنني كنت مرعوبًا ولكن في الحقيقة لقد كان إلهام عظيم.

قال لي “لقد مسحت منها الجزء السيء فقط، ولكن معظمها كان جيدًا”

رددت عليه ” أعلم ذلك، لن أكرر هذه الغلطات مجددًا”

رد عليّ “إذا كان هذا صحيحًا، لن تضطر إلى العمل مجددًا في حياتك” استقام على كرسيه ونظر إليّ ضاحكًا “بإمكانك  الكتابة من أجل لقمة عيشك!”

وقد كان محقًا لم أعمل في حياتي يومًا ولن اضطر للعمل أبدًا.

كل ما سيكتب قد ذكر من قبل، إذا كنتَ مهتمًا بما فيه الكفاية في الكتابة، ستكون إما قد سمعت بذلك أو قرأته أو كلاهما من قبل.

آلاف الدورات عن الكتابة تقام سنويًا في الولايات المتحدة. ومحاضرات تقام وضيوفٌ كتّاب يتحدثون ثم يجيبون عن الأسئلة وكل ذلك يتلخص فيما يلي.

وسوف أعيد اخباركم بهذه الأشياء مرة أخرى لأن الناس لا يستمعون حقًا إلا لشخص يجني الكثير من الأموال من الشيء الذي يتحدث عنه. هذا الأمر محزن ولكنه حقيقي.

وقد قصيت عليكم القصة بالأعلى ليس لأجعل من نفسي بطلًا لرواية ما، ولكن لأوضح نقطة، لقد شاهدت واستمعت وتعلمت.

 

  • كُن موهوبًا:

ما هي الموهبة؟ استطيع سماع شخصٍ ما يصرخ، ويبدأ محاضرته بالنقاش “ما هو المغزى من الحياة؟” ويتحدث بحديث عظيم وتصاريح قوية عن الغاية من أن تبدا رحلتك في الكتابة. الموهبة قد تُعرَف بكل بساطة بأنها “تقوم بالنشر وتحصل على المال”. إذا كتبت شيئًا  وأرسلته إلى شخصٍ ما، ثم هذا الشخص أرسل اليك شيك، ثم ذهبت إلى المصرف وصرفت هذا الشيك، ثم دفعت فاتورة الضوء بهذا المبلغ، فأنا اعتبرك انسان موهوب.

نحن هنا لا نتحدث عما إذا كنت جيدًا أم سيئًا، أنا مهتم فقط بإخبارك عن طريقة نشر كتاباتك، وليس للحكم على كتاباتك ما إذا كانت سيئة أم جيدة. عادةً الحكم على كتابات شخصٍ ما، يأتي بعد أن تصرف الشيك وتدفع به الفاتورة.  أهم جزء في أن تكون كاتبًا ناجحًا هو أن تكون موهوبًا. الكاتب السيء الوحيد هو الذي لا يدفع له. إذا لم تكن موهوبًا لن تنجح، وإذا لم تنجح يجب أن تعرف متى تتوقف.

ومتى يكون ذلك؟ لا أعلم، يختلف الأمر مع كل كاتب. ليس بعد أن يرفض ست مرات، ولا بعد ستون مرة. ولكن بعد ست مائة مرة؟ ربما. بعد ستة آلاف مرة؟ يا صديقي بعد ستة آلاف محاولة يجب عليك أن تجرب الرسم أو البرمجة.

بالإضافة إلى أن كل كاتب طموح يعرف متى يقترب من النجاح. عندما تحصل على بعض الملاحظات مرفقة مع رسالة الرفض أو ربما عندما يأتيك الرفض على هيئة مكالمة. اعتقد أنك تدين لنفسك بأن تتجاوز الغرور بقدر الإمكان، إذا كانت عيناك مفتوحتان ستعرف إلى أيّ طريق تذهب أو متى تعود ادراجك.

 

  • كُن منظمًا

اكتب ونظم المسافات واستخدم تنسيق جميل فالمظاهر تهم.

 

  • كُن ناقدًا لنفسك

إذا لم تعدل على نصوصك كثيرًا، فقد قمت بعمل رخيص. وحده الله يستطيع عمل الأشياء بشكل صحيح من أول مرة. لا تكن كسولًا.

 

  • احذف كل الكلمات الغير مهمة

هل تريد أن تكسب المال من كتاباتك؟ اختصر الموضوع، وإذا استبعدت كل الكلمات الزائدة ولم تكتشف أن هنالك موضوع محدد، مزق كل الصفحات التي كتبتها وابدأ من جديد…. أو جرب موضوعًا آخر.

 

  • لا تنظر أبدًا إلى مرجع عندما تكتب مسودتك الأولى

هل تريد أن تكتب قصة؟ حسنًا ضع القاموس جانبًا، وكذلك الموسوعة، وأيضًا جميع المصادر الخارجية. لا يوجد أي استثناءات لهذه القاعدة. هل تظن أنك ستخطئ في كتابة جملة ما؟ عندما تذهب إلى البحث عن هذه الجملة ستقطع حبل افكارك وستفقد انسجامك. دعها لاحقًا لن تذهب إلى أيّ مكان. وإذا أردت أن تعرف ما هي عاصمة البرازيل ولم تعرف الجواب، لم لا تكتب “ميامي” او حتى “كليفلاند”. تستطيع تعديل ذلك وتصحيحه، لكن لاحقًا.

عندما تبدأ الكتابة، اكتب واستمر في الكتابة. لا تتوقف أبدًا لأيّ شيء سوى للذهاب لدورة المياه.

 

  • اعرف السوق

فقط الأحمق من يرسل قصة عن وطواط ضخم مصاصٍ للدماء يحوم حول مدرسة ثانوية إلى مجلة نسائية.

فقط الأحمق من يرسل قصة رقيقة عن أم وابنتها يتصالحان وينهيان خلافاتهما في عشية الكريسماس إلى مجلة “بلاي بوي”.

ولكن الناس يفعلون ذلك طوال الوقت!!

أنا لا أبالغ، لقد رأيت العديد من القصص ملقاة في سلة المهملات في بعض المجلات.

كل ما عليك معرفته هو المكان الصحيح الذي ترسل قصتك إليه.

إذا كنت تحب الخيال العلمي فاقرأ المجلات الخاصة بها، إذا كنت تحب كتابة قصص الاعتراف فاقرأ المجلات الخاصة بها، وهكذا. في بعض الأحيان قراءاتك هي ما تحدد قصتك التالية.

 

  • اكتب لأجل الامتاع

هل هذا يعني أنك لا تستطيع كتابة “القصص الجدية”؟ كلا!

خلال مسيرةٍ طويلة مع النقاد الذين أضروا بالرأي العام استطاعوا اقناع العامة أن القصص الممتعة والأفكار الجادة لا تتقاطع أبدًا. وهذا ما يتعارض مع العديد من الكتاب التاريخيين أمثال “تشارلز ديكينز”، “جين أوستين”، “ويليام فوكنر” والعديد من الكتاب العظماء.

 

  • اسأل نفسك دائمًا “هل أنا استمتع؟”

الإجابة لا يجب ان تكون “نعم” دائمًا، ولكن إذا كانت “لا” دائمًا، فإنه الوقت المناسب لتبدأ مشروعًا جديدًا أو مسارًا آخر.

 

  • كيف تقيم الانتقادات؟

اعرض عملك على عدة أشخاص، لنقل عشرة. استمع جيدًا لما سيقولوه لك، ابتسم، وافهم الرأي كثيرًا. ثم راجع كل ما قيل لك بحذر. إذا كان منتقديك يخبرونك نفس الشيء عن نفس الجزئية في عملك، حدث من الأحداث لا يتناسب، شخصيةً لا تبدو جيدة، قصة غير محبوكة، أو عدة انتقادات أخرى. عدل تلك الجزئية ولا يهم إن كنتَ تحب ذلك الحدث أو تلك الشخصية، إذا أتتك انتقادات من عدة اشخاص على نفس الشيء، فأنا اقترح عليك تغييره. في الجانب الآخر، إذا كان كل النقاد أو معظمهم ينتقدون جزئيات مختلفة من عملك، فتستطيع أن تتجاهل كل ما قالوا.

 

  • وكيل؟ انسى الموضوع، في الوقت الحالي

الوكيل يحصل على 10% من الأرباح التي يجنيها عملائهم، 10% من لا شيء هي لا شيء.

الوكلاء يجب عليهم أن يدفعوا الإيجار، الكتاب المبتدئين لا يجلبوا أيّ أرباح للوكلاء.

انشر كل قصصك بنفسك. إذا كنت قد كتبت رواية حاول الاستفسار من دور النشر عن طريق الرسائل. واحدةً تلو الأخرى، وتابع الأمر بإرسال أجزاء من الرواية أو المسودة النهائية كاملة.

وتذكر جيدًا أن “ستيفن كينغ” تعلم القاعدة بشان الكتاب المبتدئين والوكلاء بتجربة شخصية مريرة.  لا تحتاج إلى تجربةٍ كتلك إلى أن تجني شيئًا يستطيع أحدهم سرقته، وإذا كنت تجني الكثير فستستطيع الاختيار بين الوكلاء الجيدين.

 

  • إذا كان سيئًا، تخلص منه

عندما يكون الموضوع بيد العامة، القتل الرحيم مخالف للقانون. لكن عندما يكون الموضوع في الكتابة، فالقتل الرحيم هو القانون.

 

هذا كل ما تحتاجون إلى معرفته. وإذا استمعتم جيدًا فستستطيعون كتابة كل شيء وأيّ شيء ترغبون به. والآن أتمنى لكم يومًا لطيفًا وإلى اللقاء.

العشر دقائق انتهت!

 

 

 

 

About Author

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.