أدبقصص قصيرة

قصيرة قصيرة : ياله من وطن

كتابة : شهد مصطفى

تدقيق لغوي : وفاء الحربي

 

1

 

“يا له من وطن!”. حفرتُ هذه العبارة على أحد البيوت التي تحولت إلى رماد، بعدما ألقيت نظرة بداخله، و يا ليتني لم أفعل!
انزويت في أحد أركانه أتأمل بقاياه المقوَّضة، وأتذكر نفحاته في الصباح الباكر مع صوت أمي وهى تنادينا للإفطار..
تذكرتها تجلس أمام المدفأة، تحيك في كنزة أختي الحمراء الصوفية وكنت ألاحظ الشجون على وجهها، وكأنها تصرخ بأنها يوماً ما لن ترانا ثانيةً.
صرت أرسف خارج هذا الخراب أو “منزلي” لا يهم..
ثم توقفت عند منزل أتذكره جيداً، وأظن أن مخيلتي المخبولة لن تنساه أبداً. منزل “ليلى” أو “قرص السكر”، هذا ما كنت أدعوها به وكانت تنظر إلي في حنق وكأنها لا تعلم أنني أدعوها بذلك بسبب وجهها الأبيض ووجنتيها المتوردتين.
تحول بصري إلى شرفتها وبدأ ذهني يستعيدها كما كنت أراها كل صباح؛ تبتسم لكل من يراها وهى تروي أزهارها على جانب الشرفة. “التوليب” لطالما كان نوعها المُفضل.
كبحتُ دموعي وأنا اتمتم عندما رأيت المنزل يغمرهُ الغُبار والسواد من كل جهة:
بئساً لمأوى يخزينا ويسلب منّا ما نحب، وفي نهاية الصراع نزمجر على أن نقول الوطن هو كل شيء، لا وطن بلا دماء وأشياء كهذه..
في الحقيقة هو وطن يجبرنا على أن نضع قِناع البهجة والسعادة بينما نتأوه ألماً.

About Author

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.