أدبقصص قصيرة

قصة قصيرة : الألم يُزهر

كتابة : عبدالرحمن

تدقيق لغوي : وفاء الحربي

 

كانت جميلة، تحس بفرديتها وتميزها. كانت تشعر بأنها غريبة عن هذا العالم، وبأنها جزء منه أيضاً.

كان ينفّرها ويشدها معاً؛ هامساً في أذنها: لا تذهبي بعيداً، فعلى هذه الأرض سوف نحيا، وفي جوفها سنموت.

قبل ذلك لم تكن لها أي تجربة عميقة في الحياة، فبدأت بالانخراط والذوبان فيها. تعلقت بالطبيعة، استمتعت برفقة الورد، استمعت إلى الموسيقى وقرأت الكتب. كانت تعيش الحياة وتحسّ معنى لحياتها، وقد مضت الحياة على وتيرة هادئة وجميلة حتى ظنت أن الحياة هي الخير المطلق، ولكنها وجدت أنها بعد تعلقها بالأشياء إذا بها تفقدها، وكلما فقدت شيء شعرت أنها تفقد جزءاً من ذاتها.

تجرعت الألم فأصبحت ترى الحياة من منظور آخر: إنها الوهم والعبث، إنها الشر والظلم.

عاشت كئيبة، وفي أحد الأيام أهداها أحدهم وردة، فتذكرت ذاتها القديمة الهادئة، تذكرت أنها كانت يوماً مثل هذه الوردة في رونقها وجمالها، وتساءلت: ما الذي يفقد الروح ألوانها ؟

وجدت نفسها تردد: إنها التوقعات، إنه التفاؤل المفرط، إنه التعلق.

شعرت بأنها حرة بالرغم من الألم الذي بداخلها، وأدركت أن الحياة مع الألم ممكنة، بل إنها طبيعية؛ أن نتألم، أن نتذوق مرارة الفقد والمعاناة، حتى نصبح أكثر حكمة، وأكثر انفتاحاً على الحياة.

يومها قررت الكتابة. فتحت دفترها وأول ما كتبت: نحن كالورد، ولكن الألم هو ما يجعلنا نُزهر.

About Author

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.