أدبقصص قصيرة

قصة قصيرة : يوم ممطر

كتابة : إلما

 

1

 

أنهيت عملي وعدت متأخرًا.. أسير في الشارع المظلم وحيدًا يرافقني الهدوء، وحين رنّ هاتفي تصاعدت أحداث الموقف فجأةً وبدأت الغيوم بالتصادم مكونةً أصوات مرعبة وأعقب ذلك وابلُ مطرٍ شديد ورأيت حشودًا تجفل خشية البلل.

كان المطرُ قوياً لدرجة انها خارت قواي بأكملها وشعرت بأن جسدي الواهن في تلك اللحظات لم يكن سوى كومة عظام كالقطن ولحم أشبه بحلوى الخطمي. بصعوبة رفعت يدي واستوقفت سيارة أجرة..

جررت الباب وكأنني أزيح فيلًا لأجلس مكانه، ومن ثم رميت بكل ثقلي وتعبي ومصائبي وغرق ثيابي على ذلك المقعد الخلفي البالي لسيارة الأجرة المتهالكة، وأسندت رأسي مدة المسافة التي لم تكن أكثر من عشر دقائق وبدا لي أني غططت في غيبوبة..

حالما وصلت وجهتي نبهني العجوز طالبًا أجرته، اعطيته عددًا لم أحصه من الأوراق النقدية ولم أهتم. وهممت بالنزول وبحثت عن هاتفي.. أين هاتفي! لا يهم. نزلت بما تبقى من قواي ورحت أجرجر ساقي بين أروقة المشفى مبلولًا بالكامل.

وصلت غرفتها واستقبلني أبي وشد عليّ ذراعيه مواسيًا لمصيبتي، اعتذرت له عن بللي فلم أكن أحمل مظلتي.. ارتخت يداه فجأةً ورفعها بخفة، ثم نظر إليّ وكأنه نسي لوهله موت زوجته وشخص ببصره نحوي مستنكرًا:

“ما الذي تتكلم عنه؟ لم تمطر اليوم يا ابني!”

أدركت حينها. أدركت أن هاتفي هو من أغرقني. يا لعنتي ولعنة هاتفي. ليتني لم أكن أحمل هاتفي. ليتني نسيت هاتفي وأحضرت مظلتي تأهبًا للمطر.

 


            

About Author

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.