كتابة: مجد
تدقيق لغوي: وفاء الحربي
قُلت له:
- هل تخيلتَ يوماً أن نقف طويلاً أمام هذا المنزل ونتساءل إن كنّا سندخل حقاً أم لا !
كان ذلك بعد وفاة جدتي .. و مرض جدي الذي جرّه خلفها ليدفن في التربة ذاتها .
- أتظن أنهم أطفئوا الأنوار عمداً أم أنها الكآبة التي سكنت هنا؟
يا أخي تساؤلاتي لا تنتهي !
أهذا المنزل الذي كنا نعدّ الأيام لزيارته.. وكنت أبكي لأستعطف قلب أمي حتى لا نخرج منه ؟
كنّا صغاراً نجري في فنائه ، والشباب يملؤون الشارع بضجيجهم. السيارات لا تكف عن المرور هنا، والنساء بسلال القهوة والشاي يطرقن الباب كلّ عصر . .
النّار كانت لا تهدأ في هذا المجلس الكبير بعد كلّ مغرب، ورائحة العود تبخّر ” ثوب “كل رجل يمرّ من هنا.
كنت لا أكفّ عن اللعب وتقبيل رأس جدتي لتخرج لي من تحت وسادتها ما أشتري به من الدكان الذي على رأس الشارع . كلما اشتهيت الحلوى؛ كنتُ أقبّلها .
أمّا جدّي فقد كان طويلاً جداً .. كنّا نجري بعيداً عنه كلما دخل المنزل فجأة وبيده العصا التي تضاعف هيبته .
ألا تذكر .. كيف كان يضربكم أنتم أحفاده إن لم يصادفكم بالمسجد، ويلقي علينا بعصاه نحن ” الحفيدات ” إذا ارتدينا التنانير القصيرة !!
كان يزرع فينا المبادئ بقسوة . رغم مرضه الطويل الذي أحنى ظهره إلا أنني ظللتُ أهابه .
- ياأخيمابالهذاالمنزل؟
فناؤه الذي كان ساحة لعب لنا نحن الأطفال أصبح خاوياً، و الشارع الذي كان يضجّ بالحياة كَبُر شبابه ..
والباب صامت كل عصر ! ولا شيء تحت وسادة جدتي .
عُد بي .. لا أريد أن أدخل.
جميل جدًا.