كتابة : حسن محمد
تدقيق لغوي : ربيع قطان
أم هاني: سآخذه معي
بصوت خشنٍ وقسوةٍ قال الأب: افعلي ما ترينه مناسبًا!
ومن تحت لحيته انطبق فكاه بعِنادٍ اتجاه مشاعر زوجته، وقد أغلق باب الود بينهما وبعد فترة كبُر هاني، وكبرت معه همومه، كانت أمه تلبّي له جميع احتياجاته، وكأنت له سندًا وحنانًا وبيتًا آمنًا وعلى الرغم من الأذى النفسي الذي لحق به بسبب ما حدث لم يكن لدى هاني أي شذوذ سلوكي، ذلك الذي يصاحب الأطفال عادة جراء المشاكل الأسرية، لأن والدته كانت تتسم بالقدر الكافي من المسؤولية، وأورثتها لابنها الذي لم يخيب ظنها، وكان بارًا بوالدته المُضحّية.
حين التحق بالمدرسة، كان يواصل ليله وهو متسمر على جهاز الألعاب لديه حتى موعد الدوام الذي كان يصبر عليه كي لا تحزن والدته فقط ولو كان الأمر بيده لما ذهب مطلقًا، وحين عودته يتناول الطعام وينام بضعًا من الوقت حتى يستيقظ ليُتم هذا الروتين اليومي الذي استعان به للهروب من مشاعره المختلطة وظروفه غير المستقرة.
لكن هذا لم يكن كافيًا له، فقرر التوجه إلى جيرانه لطلب لعبة فيديو جديدة بحثًا عن تسلية تأخذه من مشاعره المعقدة، ظنًا منه أن جيرانه أفضل منه حالًا، حتى فهم العكس تمامًا حين أخبروه بأن ما يطلبه قد فقدوه للأبد، زادت هذه الإجابة من آلام هاني وأدرك أن وراء كل عنف منزلي أب قاسٍ متسلط. حين بلغ الرابعة عشر من عمره، استطاع فهم شذرات من حياته وما يواجهه يوميًا من مصاعب، تتمثل في بعض الحمقى الذين قد يتنمّرون عليه وكان يحاول تجاوزهم كما تتجاوز كومة من الحجارة في الطريق تعترض سبيلك، تعرف على أحد الجيران يدعى محسن هو الأصغر من بين إخوته، يستخدم السخرية كدرع يقي به مشاعره، رغم أنه قد يسخر من نفسه ومن الآخرين، ومطلقًا تعليقات مسيئة ومضحكة تحمل في طياتها ترابطًا لم تكن لتفهم معناه إن لم تعرف محسن، وهذا ما فهمه هاني حين رافقه. ” أعلم أنك تعيش دون أب، وأعلم أن هذا ليس قرارك في نهاية الأمر، هل كانت حياتك هادئة ولطيفة من قبل؟” محسن مخاطبًا هاني. في هذه المرة لم يغير هاني الموضوع كعادته ولم يتهرب فقد أدرك أن عليه البوح بما يجول في خاطره لصديقه الوحيد، أجاب بهدوء ” الأمر صعب علي، ولكنني أتعلم الكثير في كل مرة، أما بالنسبة إلى أبي، فإنه لا يقوم بحمايتنا.. إنه يحمي نفسه وحسب..” !
About Author
