أدبقصص قصيرة

قصة قصيرة : لماذا أنا مختلف

1

لماذا انا مُختلف؟ هذا هو سؤالك يا عزيزتي وأن الاجابة على هذا السؤال بالتحديد صعبة ولا اكذب بقولي هذا.  نحن البشر نحب ان نطلق على أنفسنا الالقاب حتى نتميز بها عن الحيوانات في حين ان طبيعتنا لا تختلف عنهم، بل اشد وأقسى فنحن حيوانات قذرة مُحبين للشجع، للعنف، للدمار وعاشقين للقتل. ان رسالتي القصيرة هذه التي اكتبها لك يا عزيزتي ليست الا عبارة عن كلمات ضائعة انتشلتها من عقلي وكتبتها على هذا البحر الابيض الذي نطلق عليه الورق.

انظري إلي يا لحماقتي ها أنا ابتعد عن سؤالك وادخل في دوامات من الافكار العشوائية والصرعات النفسية، ان صراع البشر النفسي لن ينتهي الا مع انتهاء هذا الكون والله وحده يعلم متى سيحين ذلك اليوم. دعني اجيبك الان عن سؤالك الذي مع مرور هذه السنوات الا انّي لا ازال اتذكره بوضوح، أسفل تلك النجوم المتألقة في اعالي السماء سألتني ذلك السؤال الذي اخذ يرن بعقلي طوال هذه المدة ولا اعلم لماذا، لماذا انت مُختلف؟

هكذا سألتِني بصوتك الناعم الجميل الذي كان بمثابة السحر بالنسبة لي. في الحقيقة لا اعلم لماذا انا مُختلف ولكن هنالك اسباب عدة لهذه التسمية. هل ذلك بسبب العيب الخلقي الذي ولِد معي ام لأني شديد الغباء كما يعتقدون؟ هل لأني خجول ومنطوي على نفسي؟ ام لأني غريب وبشع المنظر؟

اوه انتظري!! هل يُعقل أني مُختلف لأني قتلت والدتي؟  لا تتفاجئي يا محبوبتي الم اخبرك في السابق بأني سأقتلها في يومٍ ما. بل أني اذكر بأنك انتِ من حرضتني على فعلها. ولكن دعني اسألكِ سؤالًا. لماذا نتفاجأ ونصاب بالاشمئزاز كلما سمعنا عن شخص ارتكب خطيئة؟ اوليس جنسنا البشري بُنيا على واحده؟

صديقتي الجميلة هل استلمتِ القلادة التي ارسلتها لك؟ انها لأمي. لا تقلقي لقد غسلتها جيدًا قبل ان ارسلها لك. الم تخبريني دائمًا بمدى اعجابك بقلادتها التي تتفاخر بها دائمًا. انظري لا تفهميني بشكل خاطئ لقد كنت أحب امي ولكنيّ كرهت معاملتها لي وهذا ما دفعني لقتلها. اه ليتكِ كُنت متواجدة بذلك اليوم ورأيتي كيف كانت تصرخ طالبةً المساعدة وكيف كانت تتلوى محاولة ان تتملص من قبضتي. اوه لو تريني كيف نحرت عنقها وكيف سال الدم منها وغطى كفي. كيف اخذ جسدها يرتعش، وكيف اخذت ترفس الهواء وكأنها تحاول تسلق الفراغ. انطفئ جسدها بعد ذلك وأصبح خاويًا بلا روح افلتّها وجعلتها تسقط على الارض.

كانت لا تزال دمائها تسيل حتى اصطبغت ارضية المطبخ باللون الاحمر الداكن. لا أستطيع أن أصف لك شعوري في تلك اللحظة. لا يا صديقتي، لا لم اكُن خائفًا. بل كان شعور مغاير. شعرت بالنشوة لقد اعجبني الامر. اعجبني حتى أنى صرت اضحك بصوت عالٍ. ماذا هل انا مُختلف عن بقية البشر لفعلي هذا؟ صدقيني ان القوانين البشرية لم تسن الا لكي تمنعنا من ممارسة طبيعتنا الوحشية والمقززة.

 

2

واذ لم تصدقيني يا عزيزتي اسألي أي شخص تقابلينه وقولي له “إذا لم تكن هنالك قوانين بهذه الحياة هل سترتكب الجرائم؟” واسمعي بماذا سيخربك. إن القتل غريزة من غرائزنا التي خلقنا عليها قد لا تظهر على العيان ولكنها متواجدة بالتأكيد عميقًا في ارواحنا مختبئة تنتظر الفرصة المناسبة للخروج. قد نكون كالمستذنبين ننتظر اكتمال القمر حتى نتحول لطبيعتنا الحقيقة. مجرمون ومتوحشون.

هل أطلت الحديث يا صديقتي؟ ولكن تلك الكلمات المتفرقة التي بعقلي لا تريد ان تنفذ ولهذا سأستمر بالكتابة حتى يجف حبر القلم او تنفذ كلماتي. لماذا تراسلني الان بعد هذه السنين الطويلة؟ ربما تتسألين بين نفسك وانت تقرئين هذه الرسالة التي قد تطول قليلًا. بالله عليك الم تمييزي التاريخ الذي كتبته على رأس الورقة الا يذكرك هذا التاريخ بشيء ما؟. انه تاريخ لقاءنا الاول يا قُرة عيني. في مثل هذا اليوم قبل سنة من الان التقيتك. هل تذكرين ذلك اليوم، بالطبع تتذكرينه. لا أستطيع تخيل أنك قد تنسينه.

في ذلك الصباح عندما كُنت ابكي بمفردي بعد ان سخِر مني بعض الرجال. ولكن دعينا من هذا الان ولنتحدث قليلًا عن ذلك اليوم. عندما وضعتي يديك الصغيرة على كتفي، كم أثلج هذا قلبي.
“هل انت بخير؟” هكذا سألتيني وكيف لا أصبح بخير بعد أن رأيتك. كُنت اعتقد بأني احلم او بالأصح احلم وانا يقض. كيف لهذا الجمال ان يكون بشرًا فسبحان من أبدع خلك يا حبيبتي.

من بعد معرفتي لك تغيرت حياتي الى الابد. اصبحت لا اهتم لأحدًا من البشر غيرك حتى أمي لم أكن اهتم بها فكما تعرفين كانت تعاملني بقسوة بسبب شكلي الغريب حتى انه كانت تندب حظها انها انجبتني
“كيف لي أن انجبت هذا المسخ؟”

ولكنك اتيتي وأنقذتيني منها. اصبحتِ ملجئي عند الحزن. كُنتِ كسقيفة احتمي منها من المطر. والمطر هنا عبارة عن شتائم الناس ولعناتهم وبالطبع شتائم امي الكثيرة الذي لا تنتهي. ولكن لماذا تركتِني الان؟ اه لكم اشتقت لصوتك واشتقت لهمساتك!

يبدوا بأن الكلمات المبعثرة بعقلي قد نفذت قبل أن يجف الحبر. ارجوا أن تصل لك هذه الرسالة بأقرب وقت. وأعلمي بأني لا ازال احبك. الى اللقاء.

 

كتابة : حسان

About Author

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.