أدبقصص قصيرة

قصة قصيرة : الكاتب النبيل

كتابة : سُهى الحربي

تدقيق لغوي : وفاء الحربي

 

مضت الكثير من السنين وهو يكتب، لا لشيء سوى أن يداه تحتاج لهذه العملية التي تنفذها بحركات موزونة على سطح ورقة بيضاء. يجد نفسه دائماً في لحظات مختلفة حزن أو فرح، غضب أو سخط ينكبُ على دفاتره المُلقاة في كل زاوية من زوايا شقته الصغيرة.. كان يكتب حتى يشعر بأنه فارغ.
ذات يوم استقبل صديقة الطفولة “ماري”، في صدفة غريبة من نوعها حيث التقى بها في نادي القراءة الذي انضم له حديثاً. كانت ماري فضولية تجاه الدفاتر المهملة التي امتلت بها شقته.

سألته في استحياء عن إمكانية قراءة أحدها، فأخبرها أن ذلك مضيعة للوقت. فهي غير مهمة كما يصفها.

قرأت أحد الدفاتر، وتعجبت من جمال ما يكتبه. لقد وجدت فيه الكاتب الفذ الذي يجب أن يعرض ما يكتبه على دور نشر مرموقة في الحال ومن دون أي تأخير، فالسنين مضت بما فيه الكفاية ويجب استغلال الفرصة حالاً.

بعدما اقتنع برأيها بصعوبة بالغة؛ جمع تلك القصاصات من هنا وهناك وأحسن هندامه وسار في الطرقات المزدحمة باتجاه دور النشر.

سحر كلمات صديقته “ماري” بدأ بالذبول تدريجياً أثناء سيره، خطواته بدأت بالتباطؤ، وتهلُّل وجهه تلاشى فجأة، إذ تذكر خيبته الأولى في عمر العشرين حينما أخذته الحماسة وكتب روايته الأولى لكنها رُفضت من كافة الدور، بل إن بعضهم استهزأ مما كتبه وطلب منه أن يعيد التفكير بأمر الكتابة، قائلاً بأنها وُجدت لمجموعة من النبلاء هو بالتأكيد ليس واحداً منهم!
أخذ قصاصاته الثمينة وقام بتقطيعها دون أن يرف له جفن، ثم ارتمى على أول مقعد رآه.

About Author

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.