أدبقصص قصيرة

قصة قصيرة : الموسيقى

كتابة : مشاري عسيري

تدقيق لغوي : وفاء الحربي

 

1

كان في غرفته الرحبة يعزف على آلة البيانو، توقف فجأة ليتساءل، بينما يدندن ويضرب باستمرار على إحدى أصابع البيانو العاجية؛ ” أين يذهب صوت الموسيقى”؟

قرر البحث عن جواب لهذا السؤال. ضرب بأصابعه على الآلة ثم رفع يده بسرعة وضمها لصدره، وحاول اللحاق  بالصوت، الذي سرعان ما اختفى.

كرّر المحاولة، وذهب يفتش في الغرفة، ربما الموسيقى تحب الاختفاء فور إطلاق سراحها، ألصق أذنه اليمنى بالدولاب الخشبي وضربه بسبابته عسى أن يسمع بقايا لصوت الموسيقى قد تكون امتزجت بالخشب، غير أنه لم يسمع إلا صوت الخشب.

حاول مجدداً؛ ترك باب غرفته مفتوحاً: ” ربما الصوت يفضّل الحركة على البقاء في مكان واحد”. ضرب بأصابعه على البيانو، وهرع خلف الصوت الذي وصل عند الباب واختفى!

نظر لأسفل الدرج بفضول .. قرر أن يجرب مرة أخرى، وهذه المرة ربط عينيه بوشاح أسود، لكي لا يتشتت انتباهه، كبس على أزرار البيانو وقام بسرعة يمشي خلف الصوت.. كان يسمع الصوت بوضوح ويجري خلفه. الابتسامة تملأ وجهه.. إنه لايزال يسمع الموسيقى! ثم دون أن يشعر بنفسه، تعرقل وسقط من أعلى الدرج، الموسيقى قتلته!

لا يستطيع الحركة فقد انكسر كل شيء فيه. العجيب أنه بينما يحتضر ويصارع الموت، كان مبتسماً.. ذلك لأنه عرف أخيراً أين تذهب الموسيقى. إنها لا تذهب بعيداً، بل تسكن داخله.

About Author

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

شاركنا رأيك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لدعمنا يرجى إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات، نؤكد لك أن موقعنا لا يحوي إعلانات مزعجة أو منبثقة.